فلنقرأ ما يؤكد ذلك من شروحهم للكتاب.. مثلاً: هذا أحد الشروح المعروفة, وقد نقلنا من الشروح العربية يقول: إن
ملكي صادق معناها: ملك البر, وشاليم هي: أورشليم, أي: ملك السلام, وملك أورشليم أيضاً، وقلنا: طبعاً لم تكن قد بنيت هذه المدينة في ذلك الوقت.على أية حال يستنج من هذا أمور:أولاً: أن
ملكي صادق استقبل إبراهيم -لا يزال اسمه إبرام عندهم- وأنه استقبله لينال بركته, وهناك تقليد يقول بأن الله هو الذي أمره أن يذهب ويأخذ البركة من
ملكي صادق , هذه الفائدة الأولى عندهم.والثانية: أنه كان كاهناً وملكاً.الثالثة: أن
ملكي صادق أخرج خبزاً وخمراً وقدمها لإبراهيم عليه السلام، وهم يريدون من تقديم الخبز والخمر على تأويلاتهم الباطلة في شعائرهم وطقوسهم الوثنية المتأخرة: أن يبحثوا عن أدنى علاقة؛ لكي يقولوا: إنها موجودة في العهد القديم أي: في التكوين كما هو هنا.يضاف إلى هذا نقطة مهمة، وهي الرابعة: يقولون: إن
ملكي صادق بارك إبرام, مما يدل على أنه أعظم من إبرام -يعني: إبراهيم عليه السلام- لأنه أعطاه البركة, وأنه باركه باسم أن الله تبارك وتعالى هو الرب العلي. يريدون إشارة إلى أن الإله سيكون فيما بعد أو ابنه -تعالى الله عما يشركون- المسيح عليه السلام.يقولون في الفائدة الأخيرة: مع أن إبرام كان كاهناً, وأن رأس كل أسرة كان كاهناً, إلا أنه قبل البركة من
ملكي صادق , وقدم له العشور؛ لأنه كان يقر أنه أعظم منه, ولأن كهنوت
ملكي صادق كان رمزاً إلى كهنوت المسيح.فهذا لب ما خرجنا إليه من قولهم؛ ولذلك وضعوا عنواناً يقول:
ملكي صادق كرمز للمسيح يُدعى ملك البر والسلام, والمسيح يدعى ملك البر والسلام.سوف يأتي إن شاء الله تبارك وتعالى في البشارات النبوية
أن المسيح عليه السلام لا ينطبق عليه وصف ملك, وأن من قيل عنه: ملك البر وملك السلام هو في الحقيقة نبي الرحمة ونبي الملحمة محمد صلى الله عليه وسلم، أما المسيح عليه السلام فلم يكن له أي ملك على الإطلاق.الشاهد: على رتبة ملكي صادق معنى ذلك كما وضح بولس في زعمهم: أن كهنوت ملكي صادق أفضل من كهنوت هارون واللاويين, وتقديم العشور دليل على ذلك, وهذا يُفهم منه -إذا نحن نظرنا إلى حقيقة الكهنوت كما يزعمون- أن معناه: التوسط بين الله تبارك وتعالى وبين الخلق، فهو معنى أعم من أن يكون ما جاء عن هارون عليه السلام حتى كما في العهد القديم.