المادة    
هذا الخليل إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن، الذي كل أمم الأرض تجمع عليه, وكل أمم الأرض تعظمه, وكل أمم الأرض تنسب إليه, حتى البراهمة والصابئة يدعون أنهم على دنيه؛ فضلاً عن الملل الثلاث, -وهي: اليهود و النصارى والمسلمون- فالكل يعظمون هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
لكن عندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كان هنالك دعويان عريضتان جداً، فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي من عند الله تبارك وتعالى لإبطالهما ونبذهما معاً من غير تعصب ولا عنصرية؛ لأن هذا دين الله التوحيد الخالص الحق, لا محاباة فيه ولا مجاملة لأي عنصر من البشر أو العصبيات والقوميات.. وهذان الدعويان هما:
  1. دعوى العرب في الجاهلية الانتساب لإبراهيم عليه السلام

    العرب التي كانت تعترف أنها من ذرية إسماعيل عليه السلام؛ ولا سيما العدنانية الذين يسكنون شمال جزيرة العرب من مكة وشمالها وبالذات من كان حول الكعبة، ويعظمون البيت الحرام على أنه الذي بناه إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام، ويقيمون شعائر الحج وغيرها, وينسبونها إلى إبراهيم عليه السلام، ويعتقدون أنهم على دين إبراهيم عليه السلام؛ لكنهم انحرفوا إلى الوثنية كما هو معلوم, وعبدوا اللات والعزى وهبل وأمثالها، فدعوى انتساب إليه، وانحراف إلى الوثنية.
  2. دعوى أهل الكتاب الانتساب لإبراهيم عليه السلام

    في مقابل ذلك نجد أهل الكتاب يدعون الانتماء إلى إبراهيم عليه السلام, ومع ذلك يحصرون ورثة النبوة فيهم، وأن وعد الله تبارك وتعالى لهم وحدهم فقط، وأنه حتى الذبيح هو منهم، وكل ما جاء من فضل يجعلونه فقط في أبناء يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، ولا يجعلون لغيرهم أي ميزة ولا فضل ولا شأن ولا ذكر؛ تقرأ هذا الكتاب -التوراة- من أوله إلى آخره فلا تكاد تجد إلا لماماً هاهنا أو هاهنا عندما يعترفون في شروحهم بأن أيوب عليه السلام لم يكن من بني إسرائيل وإنما كان من العرب, أو ما أشبه ذلك من إشارات، لكن الخلاصة والمحور كله هو حول بني إسرائيل فقط.
    وهناك انحرافات, وهناك تأويلات, وهناك إخلال بوعد الله وأوامره ونواهيه, وتحريف شرعه عظيم جداً فعله اليهود ، وتنطق به التوراة وينطق به أنبياؤهم الكرام في مواضع لا حصر لها كما قد تأتي الإشارة لذلك إن شاء الله تبارك وتعالى.
    إذاً: هاتان هما الأمتان؛ هاهنا قريش تدعي ما تدعي, و اليهود يدعون ما يدعون؛ فيأتي أعظم رسل الله تبارك وتعالى، وسيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ويأتي بهذا الدين العظيم, ويوحي الله تبارك وتعالى هذا القرآن العظيم وهذا الذكر الحكيم، ويصطفيه ويختاره من ناحية النسب, ومن ناحية البيان اللغوي أيضاً بهذا القرآن العظيم، ويأتي بالحق المطلق الذي لم يثبت لا العلم ولا التاريخ ولا ما تواتر في الأمم أن فيه خطأ واحداً على الإطلاق! وإنما ما كان من خطأ منسوب لهذه الأمة فهو مما ينقلونه عن أهل الكتاب من أخطاء أو من الأمم الأخرى، أما الوحي الثابت في الكتاب والأحاديث الصحيحة؛ فهذا حق مطلق لا لبس فيه بأي حال من الأحوال، ومن ذلك: المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة والرتبة السامية لإبراهيم الخليل عليه السلام التي لا نظير لها على الإطلاق.