المادة    
حقيقة أيها الإخوة المشاهدون! إنك لتعجب غاية العجب عندما ترى هذه الكعبة, وهذا البيت الحرام, وترى صفاتها الواضحة الجلية! ثم تقرأ -مع الأسف الشديد- لعرب من لبنان ومن مصر ومن غيرها فضلاً عن غيرهم؛ يتكلمون عن هذه الصفات واحدة تلو الأخرى, ويؤولونها ويحرفونها أو يراوغون عنها ذات اليمين وذات الشمال! يا سبحان الله!
أإلى هذا الحد يغالط الإنسان نفسه! يغالط الإنسان الحقائق التي يراها أمام عينيه؟! يكابر وهو يرى الحق واضحاً جلياً! الحقيقة شيء مؤلم جداً, وهو مما يجعلنا نقيم الحجة, ونبين إن شاء الله تبارك وتعالى وبالتفصيل ابتداء من سيرة الخليل عليه الصلاة والسلام، ثم ننتقل بعد ذلك إلى البشارات بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكعبة وبنائها, ونبين كيف تنطبق هذه الصفات واحدة إثر واحدة على هذه البلدة المحرمة، وهذا البيت الحرام المعظم.
وحقيقة أنه من خلال لقاءات لي مع بعض هؤلاء أجد أنهم يحتارون, ولا يجدون جواباً أبداً عندما نواجههم بمثل هذه الحقائق، وأتوقع أنه لو كان لدينا وعي إسلامي عام, ونشر بكل لغات العالم لهذه البشارات, ولهذه الأوصاف عن هذا البلد الحرام, وعن هذا البيت المعظم؛ لوجدنا أن أكثر أهل الكتاب سيؤمنون, أو على الأقل سيهتز إيمانهم بالخرافات وبالتأويلات الباطلة، التي يؤولها علماؤهم وأحبارهم ورهبانهم, ومن يضلونهم عن سبيل الله تبارك وتعالى.
هاهنا نجد الأنبياء دينهم واحد, وهاهنا نجد أن بيتاً بناه الخليل إبراهيم عليه السلام وهو أبونا جميعاً كل ما جاء فيه حقيقة واضحة بين أيدينا، نجد أنه ليس هناك دعوة عنصرية ولا دعوة قبلية.. وقد كنت حدثت بعضهم فقلت له: أدعوك إلى دين إبراهيم الخليل؛ لأن نبيي صلى الله عليه وسلم أوحى الله تبارك وتعالى إليه: (( أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ))[النحل:123], نحن كلنا نتبع الأب المشترك بيننا جميعاً، وكما عبر الرئيس كارتر في كتابه دم إبراهيم أنه يجمعنا دم إبراهيم, يعبِّر به عن السلام بين العرب و اليهود، ونحن نقول: عقيدة إبراهيم عليه السلام هي التي تجمعنا وتجمع البشرية جميعاً على توحيد الله تبارك وتعالى، وتجمعنا هذه القبلة المشرفة المعظمة باستقبال بيت الله الحرام, الذي تنطبق عليه الأوصاف الدقيقة المفصلة في كل كتب الله قديمها وحديثها.
هنا نتوقف ونعد الإخوة المشاهدين -وفقني الله وإياهم لما يحب ويرضى- بأن نتابع بإذن الله تبارك وتعالى هذه الأوصاف وهذه البشارات بقدر ما نستطيع, وبقدر ما يسمح به المقام والوقت بإذن الله عز وجل ونناقشها مناقشة علمية واضحة جلية، حتى تتضح الحقيقة, وحتى يتبين لأهل الكتاب ولغيرهم أن ديننا هو الحق, وأن هذه الكعبة حق, وبيت الله تبارك وتعالى هو الحق، وأن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هي أكبر حادث في تاريخ البشرية, وأن كل ما أخبر به الأنبياء, وكل ما حدثنا عنه أهل الكتاب في نبوءاته -مهما حرفها من حرفها- فهي دالة دلالة قطعية صريحة واضحة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وإيمانه -كما نؤمن جميعاً نحن المسلمون- بجميع كتب الله وبكل أنبياء الله.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لنا ذلك, وأن ينفعنا جميعاً بما نسمع ونقول؛ إنه سميع مجيب.
والحمد الله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.