المادة    
فنعود إذاً ونقول: إن التدنيس والتنجيس المتعمد لهارون؛ بل حتى معه موسى عليهما السلام, والتحقير لشأنهما ولمقام النبوة من بعدهم, واعتبارها كهانة, ثم ما حصل مع داود عليه السلام.. هذا في نظرنا الإيماني والإسلامي وفي النظرة العملية الصحيحة أيضاً لا حقيقة له إلا الأهواء الشعوبية, والدسائس النفسية الخبيثة التي كانت تحوك في نفوس من كتبوا وحرّفوا العهد القديم.
نحن لسنا مع من يقول: إن هذا الكتاب كله باطل, وكله محرف, وأنه لم ينزل على موسى شيء, ولم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم شيء, ولا على عيسى شيء، فهذا كلام باطل, نحن لا نقره, ولا نؤمن به، وبناء على هذا نحن لا نقول به.
ولكن في المقابل أيضاً لا نقول: إن الله سبحانه وتعالى جعل الأنبياء بهذه المنزلة المهينة المنحطة والمشينة؛ وإنما نقول: إنهم على درجة من الكمال والسمو الخلقي والعلمي, واختارهم الله تبارك وتعالى وأعطاهم هذه الفضائل؛ فلا صحة لا لمنهج المحرفين من أهل الكتاب ولا لمنهج العلمانيين و الماديين من أتباع النقد التاريخي للكتب المقدسة.
لا هؤلاء ولا هؤلاء، وإنما الطريق الجادة والصراط المستقيم وسط بين ذلك، وقد هدى الله تبارك وتعالى أمة الإسلام إليه, فجعلها -ولله الحمد- على الصراط المستقيم.
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهله.. ونستكمل إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة قصة نبي الله تعالى سليمان ونبوته من العهد القديم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للحق, وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه, وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه؛ إنه سميع مجيب.