فالمنهج القرآني: أن (( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ))[الحج:75], (( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ))[القصص:68], فالرسل هؤلاء الذين يختارهم الله تبارك وتعالى يؤيدهم بالبينات ويؤيدهم بالبراهين وبالحجج التي هي أعم من أن تكون -كما أشرنا من قبل- معجزات، آيات وخوارق؛ يشهد كل ذي عقل, وكل ذي لب، وكل ناظر بالنظر الفطري السليم أنها لا يمكن أن تكون من عند هؤلاء الناس.ثم هم في خُلُقهم وفي سلوكهم أفضل الناس, فهم أكمل الناس حلماً وعقلاً ورأياً وفضيلة وحباً للخير ورحمة بالخلق وعدلاً بينهم.. إلى آخره, وهكذا، من هذا المنطلق الذي أشرنا إلى شيء منه في الحلقة الماضية, ونجده واضحاً في القرآن وفي السنة، لا يكون هناك هذه التعقيدات وهذه الإشكالات في مفهوم النبوة وحقيقتها، ولا تختلط أصلاً هذه المفاهيم بالمفاهيم التي حدثت فيما قبل عند الأمم الأخرى، التي حرفت وشوهت هذا التاريخ؛ فأصبح نوعاً من الغموض، أي أساطير مشوبة بخرافات, مشوبة بشيء من الحق المختلط.