المادة    
ببساطة يمكن أن نقول: إن الفلسفة اليونانية وغيرها ممن تأثر بهذه الأفكار هي في الحقيقة تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول: المنتمي إلى أفلاطون ؛ وهو الذي يقوم على الاستنباط أو الاستدلال عن طريق الكشف والإلهام والعرفان، يعني: منبع داخلي، منبع باطني، مصدره في أخذ الحقيقة والمعرفة هو الوجدان, هو الحقيقة الباطنية؛ ولهذا تسمى: نظرية العرفان أو المعرفة أو الغنوص أو الغنوصية, وهذه منتشرة في العالم الشرقي؛ في الصين في الهند , وفي الفلسفة التي أخذت عنهما في الإسلام؛ ولذلك تسمى: الفلسفة الشرقية أو المشرقية أو الإشراقية، ليس المقصود هو الإشراق بقدر ما هو المشرق بمعنى الحكمة التي تعود إلى الإشراق، أو الفلسفة التي مصدرها الوجدان والعرفان الداخلي.
النوع الثاني: هو ما يعتمد أو يرجع إلى نظريات أرسطو , وهو المعتمد على الاستدلال العقلي, والقياس البرهاني الذي وضع بناء عليه علم المنطق، ثم بعد ذلك حصل التطور الذي حصل في علم المنطق وما بعده, عندما طُورت النظريات في ذلك؛ حتى أفضت في عصر التنوير الأوروبي إلى المذهب العقلي الجامد، الذي أدى في النهاية إلى أن يثور عليه هؤلاء وأن يأتوا بمنطق جديد يخالف المنطق الصوري اليوناني, وظهرت بعد ذلك نظريات اللامعقول أو التي لا تنتمي إلى العقل، وهذه مرحلة أخرى قد يأتي الحديث عنها إن شاء الله فيما بعد.
المقصود أن هذين منهجان مختلفان متباينان: منهج أفلاطون في الكشف والعرفان والإلهام والذوق والوجدان، ومنهج أرسطو في المنطق والاستدلال والعقل والبرهان.. إلى آخره.