المادة    
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, له الحمد أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل, وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى. سبحانه وتعالى, خلق هذا الكون, وخلق فيه هذا الإنسان وكرمه وميزه؛ بأن سخر له كل ما يرى أمامه، فهذه الكواكب العظيمة, والشموس, وكل ما خلق الله تبارك وتعالى في هذه الدنيا مسخر لهذا الإنسان، وكثير من الأمور يمكن للإنسان أن يصل إليها بعقله وباجتهاده وبكدحه، فهذه قد جعلها الله تبارك وتعالى مفتوحة له, وأمره أن يجتهد وأن يعمل في ذلك، ولكن هناك أموراً كثيرة لا يمكن للعقل البشري, ولا للجهد البشري أن يصل إليها، فاقتضت رحمة الله تبارك وتعالى وعدله وحكمته أن يوحي بها إلى البشر, وأن يعلمها الإنسان؛ حتى لا يضيع عمره سدى؛ بل يشتغل في عمره المحدود فيما ينفعه, وفيما يعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة، دون الاشتغال بما هو قليل الجدوى أو لا فائدة فيه, أو كله مشقة وكله تكلُّف. أيها الإخوة الكرام! علاقة هذه المقدمة بالموضوع اليوم: هو أننا قد تحدثنا عن الحضارة، ونشأة الإنسان، ونشأة الحضارة، وعن بعض الأحداث العظمى كالطوفان -كما كان في اللقاء الماضي- والآن نتحدث عن قضية تتضح فيها حقيقة المنهج، أو الحقيقة التي يسعى إليها الإنسان على أي منهج؟ وبأي طريقة يستطيع أن يصل إليها؟ وهو ما يتعلق بحساب الزمن. فإن الشعور والإحساس بالزمن هو من أعظم الخصائص البشرية التي لا يشترك مع الإنسان فيها أحد من المخلوقات الأخرى، فالإنسان هو الذي يحس بالزمن, ويشعر به، والله تبارك وتعالى سخر له هذا الكون، فكيف استطاعت البشرية في تاريخها السحيق القديم أن تنظر إلى الزمن؟ وأن تقسم الزمن؟ وكيف دخل التخبط والاضطراب فيه بسبب الإعراض عن الوحي أو تحريفه؟ لأن المناهج كما قلنا ثلاثة: إما الوحي الثابت المحفوظ, وإما الوحي المحرف, وإما الهوى البشري للإعراض عن الوحي بالكلية, فيما لا يمكن الوصول للحق فيه إلا من خلال الوحي.
  1. دهشة العلماء من معرفة الأمم القديمة لحساب الزمن

  2. الحاجة الدينية والدنيوية لمعرفة الزمن