الشيخ: أمر آخر ولعل الإخوة تحدثوا كثيراً مع بعض الموضوعات في الماضي والحاضر؛ لكن لعلي أن آتي على المستقبل وهو أن هناك نظرية تتبعها -وأرجو أن أتوقف في الكتابة عنها وأوضحها- لاستقراء تاريخ الحضارات والأحداث العالمية في التاريخ القديم والحديث، وهي: أنني أستطيع أن أقول: إن كل حضارة دنيوية منذ عهد الجاهلين إلى الآن أصلها أو وراءها نهضة دينية، وتجديد ديني.وعلى هذا أؤكد بمثال واحد يعرفه المطلعون فقط: الذين كتبوا عن
البروتستانتية؛ التي هي حركة الإصلاح الديني في
أوروبا مارتن لوثر ومن معه، الذين جعلوها أساساً للحضارة المعاصرة قبل أن يجعلوها أساساً لنهضة الغرب؛ بالذات الغرب البروتستانتي مقابل العالم الأرثوذكسي أو القديم بالذات، ولتوضيح الصورة أكثر نقول: إن البيئة الجغرافية والمناخية والإقليمية الديمغرافية.. إلى آخره، في
الولايات المتحدة الأمريكية و
كندا هي تقريباً التي في
الأرجنتين و
البرازيل؛ صحيح أن هذا النصف الشمالي وهذا الجنوبي؛ لكنها واحدة من حيث العوامل الجغرافية وغيرها، ومع ذلك -كما نرى جميعاً- فإن الدول
البروتستانية ومن غلبت عليها
البروتستانتية هي دول ناهضة نهضة قوية جداً, بينما التي بقيت على
الكاثوليكية متخلفة تخلفاً واضحاً جلياً.
إذاً: نستطيع أن نقول في دراسة وتأمل التاريخ كله: إن كل نهضة وكل حركة دينية تثمر مشروعاً حضارياً ضخماً جداً.