المادة    
السؤال: فضيلة الشيخ! قول الله تبارك وتعالى: ((وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ))[العنكبوت:46], هذا الاستثناء يستخدمه بعض الإخوة؛ فيقولون: إنما نسب الظالمين منهم ونقابل سبابهم بشيء من السباب، والله تبارك وتعالى يقول: ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ))[النحل:126]؛ فيقولون: نحن نسبهم كما هم يسبون نبينا عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم من الذين ظلموا. فما رأي فضيلتكم في هذا؟
الجواب: ينبغي أن نعلم أن هناك فرقاً بين الأصل العام وبين حالات تستثنى؛ فالأصل العام في هذا هو: الدعوة العلمية والمجادلة بالتي هي أحسن، كما أمر الله تبارك وتعالى، أما الذين ظلموا من هؤلاء فالأمر لا يقتصر على مجرد السب لهم فقط؛ لأن هناك أمرين: الجدال، والجلاد -أي: القتال والمقاتلة- فهناك من يكفي بحقه المجادلة والموعظة والتذكير, وهناك من يقاتل، مع التنبيه أن قتال الكافرين وجهاد أهل الكتاب له شروطه وضوابطه التي لا ينبغي الخروج عنها.
فنحن في كل الأحوال لا نخرج عن حدود العدل، وإذا رأى الإنسان أن من الرد أو من مقابلة المثل بالمثل أن يشتم ويسب فلا يخرجه ذلك عن حدود العدل؛ لكن ليس هذا هو الأصل في العلاقة، وكما أشرنا: أن النادر من يستجيب إذا وصل الأمر إلى هذه الحال, وإنما يستجيب أكثر الناس إذا ذكروا ووعظوا بالتي هي أحسن.