الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفهم بأوصافهم، ومن جملة ما وصفهم به النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث: {
يخرجون} وفي رواية: {
يمرقون}، ولهذا سُمُّوا
خوارج وهو اسم مشتق من لفظ الحديث، ويُسمون أيضاً
المارقة اشتقاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: {
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية}، وكانوا يُسمون القُراء لكثرة اجتهادهم في القراءة، وهم سموا أنفسهم
الشراة ولا يرضون أن يسموا
خوارج ولا
مارقة وإنما يسمون أنفسهم
الشراة، وهو جمع شارٍ والشاري هو المبتاع، قالوا: نحن الشراة الذين شروا أنفسهم لله؛ يعني باعوا أنفسهم في سبيل الله عز وجل، ففي
الخوارج الأولين اجتمع الوصفان أنهم خرجوا على السنة؛ المنهج القويم والصراط المستقيم، وفي الوقت نفسه خرجوا عن الإمام الحق والولي العدل، ولما طال بهم الزمن أصبحوا فرقة من الفرق المشهورة التي لها منهج، وتطور هذا المنهج على امتداد تاريخ المسلمين، فأصبح يطلق اسم
الخوارج على من يخرجون عن السنة وعن الدين، ويكفرون المسلمين بالذنب.
وعليه فلم يعد الخروج عن الإمام السمة البارزة لهم فقط إذ ليس كل من خرج على الإمام العدل يسمى خارجياً، وبعض الناس يقع في خطأ فيظن أنهم خوارج ؛ لأنهم خرجوا على الإمام الحق، وفي حالة علي رضي الله تعالى عنه اجتمع فيهم الوصفان، لكن بعد أن تحدد الاصطلاح وأصبح علماً على فرقة ذات أصول بدعية فلا يجوز أن يسمى خارجياً إلا من كان على هذا الوصف، وأما من خرج على الإمام العادل فقد اصطلح على تسميته بالباغي وجمعه: البغاة، والباغي قد يكون من أهل السنة. والإمام علي رضي الله تعالى عنه، كان أهل الشام خارجين عن طاعته، ومع ذلك لم يُسمِّهم خوارج، وإنما كان يعتبرهم ويعدهم بغاة.
إذاً: لو كان الخارجون هم كل من خرج على الإمام العدل، لكان كل من خرج على علي رضي الله تعالى عنه من أهل الجمل، وأهل الشام خوارج، لكن الحقيقة أن أصل كلمة (الخوارج) إذا أطلقت فالمراد من يعتقد هذه البدعة أو هذه العقيدة، ولا يجوز أن تطلق على مجرد الخروج على الإمام، فالخارج على الإمام إن كان خرج عليه معتقداً اعتقاد الخوارج فهو خارجي؛ لأنه على عقيدة الخوارج ؛ أما إن خرج عن طاعة الإمام الحق على تأويل آخر أو طمعاً في الدنيا أو ما أشبه ذلك فيسمى باغياً.
فأوضح وصف لهؤلاء أنهم:
الذين يكفرون المسلمين بمجرد المعاصي والذنوب التي هي دون الكفر أو الشرك، ولم يكفر الله ورسوله من اقترفها، وإن كانوا قد تأولوا بعض النصوص.