المادة    
إن معنى الإيمان بالقرآن: أن نؤمن به كله، وبأن كل ما فيه حق، وبأن من كفر بحرف واحد منه فقد كفر به كله، ومن كفر بحد واحد من حدوده فقد كفر به كله، وأنه لا يجوز لنا أن نؤمن ببعضه ونكفر بالبعض الآخر، كما ضرب الله تعالى لنا في ذلك مثلا ببني إسرائيل حيث قال عنهم: ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ))[البقرة:84-85]، فرتب الله تبارك وتعالى عقوبة عظيمة على من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، قال تعالى: ((فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ))[البقرة:85]، ثم قال بعد ذلك: ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ))[البقرة:86] (فلا يخفف عنهم) معناه: أنهم ليسوا من أهل الكبائر؛ لأن أهل الكبائر من الموحدين يخفف عنهم العذاب، ثم يخرجون من النار، كما في أحاديث الشفاعة وحديث الجهنميين، وأما هؤلاء الذين لا يخفف عنهم العذاب فهم أهل الشرك والكفر، وهم لا ينصرون، ولهم خزي في الدنيا وعذاب دائم في الآخرة؛ لأنهم آمنوا ببعض الكتب وكفروا ببعض، وذلك لأن اليهود ليسوا مجرد عصاة، فإن من ترك شيئاً من كتاب الله ولم يعمل به تقصيراً وتهاوناً في بعض أوامر الله التي لا يكفر بها، وعمل بالبعض الآخر، ليس هو المقصود هنا، لكن المقصود من آمن ببعض وكفر ببعض، أي: اعتقد بطلانه ولم يصدق به أصلاً، ولم يلزم نفسه به، وكأنه لا يأبه به ولا بمن أنزله، ولا اعتبار له عنده، وإنما يتبع هواه، فإذا جاء إلى قوله تعالى: ((وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ))[البقرة:275]، آمن بها واستشهد بها، وإذا جاء إلى قوله: ((وَحَرَّمَ الرِّبَا))[البقرة:275] لم يؤمن بها ولم يعمل بها اتباعاً لهواه.
وهذا كفعل اليهود تماماً، فإن الآيات التي توجب أن تصان الأنفس، وأن يكون ولاؤهم للمؤمنين من أبناء دينهم، وأن يكونوا أذلة لهم وأعزة على الكافرين، هذه تركوها بالكلية وأعرضوا عنها، لكن إذا جاءوهم أسارى قالوا: إخوانكم في الدين، فلابد أن تفادوهم.. كيف وهو محرم عليهم إخراجهم؟! ولكن هكذا يفعل الهوى والعياذ بالله!
  1. الجرأة على القرآن في هذا العصر

  2. خلو القرآن من الاختلاف والتناقض

  3. إثبات صفة الكلام والعلو لله تعالى

  4. أصل الناس على التوحيد وعدم الشرك بالله

  5. القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

  6. شهادة أولي العلم من أهل الكتاب على أن القرآن هو الحق

  7. القرآن موعظة وشفاء وهدى ورحمة للمؤمنين