فأقول: من أكثر ما يحول بين الناس وبين الخير هو إما صاحب فجور وشهوة، فحال بين الناس وبين القرآن بالغناء، والمزامير، والموسيقى، والأشعار، والقصص وما لا خير فيه، كما تشاهدون القنوات آخر الليل، تجد فيها الغزل والأشعار والهوى والحب -سبحان الله العظيم- لأن قلوب الناس ترق في تلك الساعات، فهم جاءوا إليها يرققونها بشيء رقيق، لكنه شهوة وفتنة، هذا الجانب الأول.
الجانب الثاني: الذي يأتي ليسد الحاجة لكن بغير الحق، مثله كإنسان جائع فجاءه صاحب الشهوة وحرمه وتركه جائعاً، وأما صاحب الشبهة فلم يتركه جائعاً، لكن أطعمه نشارة خشب مثلاً، أو أطعمه ما لا يغني ولا يشبع.
فأصحاب الشبهات الذين وجدوا الناس محتاجين إلى الذكر ويريدون المناجاة، أعطوهم هذه الأوراد البدعية، والأذكار غير المشروعة، وقالوا لهم: اقرءوها في الصباح، اقرءوها في المساء، اقرأها إذا قمت في الليل، اقرأها قبل أن تنام...إلى آخره، فأطعموهم ما لا يغذي، بل يضر.
والحق هو أن القلوب إنما يكون غذاؤها وتنعمها، وترنمها، وحياتها، وروحها، وريحانها، وشفاؤها بقراءة كلام الله عز وجل حتى وإن قل التعبد بشيء من الحق ومن الخير، ولو لم يقم العبد إلا بعشر آيات، ولو لم يقرأ إلا (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ))[الإخلاص:1] ولو لم يقرأ إلا آية الكرسي فهذا خير، لكن كلما أكثر فهو خير له، ولهذا جعل الشيخ رأس النوافل: قراءة القرآن.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم ممن يتلون القرآن حق تلاوته، ويتلذذون بذكر الله تبارك وتعالى به، وبمناجاته، إنه سميع مجيب.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.