وكان
ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يقول في دعائه: [
اللهم زدنا إيماناً، ويقيناً، وفقهاً]، وهذا أيضاً من جوامع الدعاء، وقد كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، فأخذ ذلك منه أصحابه الكرام رضوان الله تعالى عليهم؛ فكانت كلماتهم كلمات يسيرة ولكنها عظيمة وبليغة، فإذا زادك الله إيماناً ويقيناً وفقهاً فما الذي ينقصك بعد ذلك؟! لا شيء، فقد جمع لك الخير كله، وجمع لك الخير من أطرافه، فمن زاده الله تبارك وتعالى إيماناً؛ وزاد يقينه، وزاد فقهه.فالصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يعلمون أن الإيمان يزيد، فكانوا يدعون الله تبارك وتعالى أن يزيدهم إيماناً؛ لأنهم يعتقدون ذلك ويعلمونه، و
اليقين عمل القلبي، وهو من أعظم أعمال الإيمان، والفقه هو أيضاً من الإيمان؛ لأن
العلم بالله تبارك وتعالى يزيد العبد إيماناً به، ورأس الفقه والفقه الأكبر: هو معرفة الله عز وجل، ورأس الفقه أيضاً أن يعرف العبد نفسه. وإذا قلنا: إن الفقه يقصد به السلوك، أو التربية، والفقه، ويقصد به علم العقيدة، ويقصد به أيضاً الأحكام؛ فهذا ينطبق عليه قول بعض السلف: (اعرف نفسك؛ تعرف ربك)، وقد اختلف العلماء في تفسيرها، فـ
ابن القيم رحمه الله في
الفوائد فسرها تفسيراً بديعاً، فقال: اعرف نفسك: بضعفها، وفقرها، وذلها، وعجزها، وتقصيرها، وذنوبها؛ تعرف ربك: بغناه سبحانه وتعالى، وبكماله، وبقدرته، وبرحمته، وبعفوه، وبعقوبته.. وهكذا، فبمقدار ما تعرف حقيقة نفسك فإنك تعرف ربك سبحانه وتعالى، وبمقدار ما تعرف ما تحتاج إليه أنت من التزكية الإيمانية لنفسك؛ فإنك تعرف ما تحتاج إليه أيضاً من الفقه الأكبر وهو: معرفة ربك تبارك وتعالى.