وذكرنا سابقاً: أن هذا الحديث اشتمل على أصول وحقائق الإيمان الظاهر والباطن، وإن شئنا قلنا: أعمال القلب والجوارح معاً، فالدين مركب منهما معاً، فلا انفكاك لهذا عن هذا، فلا يمكن أن يقول: آمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر؛ وهو لم يشهد: أن لا إله إلا الله أو وهو لم يصلِّ، ولم يصم، ولم يزك، ولا يمكن لأحد أن يشهد: أن لا إله إلا الله، ويصوم، ويصلي، ويزكي، وهو في الحقيقة لم يؤمن بالله، وملائكته وكتبه ورسله، فهذا منافق.
إذاً فقد اشتمل على بيان حقيقة الأركان الظاهرة والأركان الباطنة معاً، لكن لو جئنا نشرح بعض الأحاديث الأخرى كحديث ابن عمر في الأركان الظاهرة لقلنا: وهذا يقتضي الإيمان بالله وملائكته وكتبه.. ونضطر أن نرجع إلى هذا الحديث، ولو جئنا لنشرح حديث وفد عبد القيس فلابد أن نقول: إنه يبين الإيمان، وتفسيره بالأعمال الظاهرة، ولابد فيها من الإيمان الباطن، ولكن حديث جبريل بيَّن هذين المعنيين.