وكلمة (الإيمان) كلمة واحدة، ومع ذلك عرفها الإمام الطحاوي فقال: (والإيمان: هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان)، وناقشنا هذا التعريف، وهنا قال: (والإيمان: هو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله…) إلى آخره.
فهو في الأول يتحدث عن الإيمان في حقيقته الاصطلاحية، وهنا يتحدث عن الإيمان كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إشكال عندنا في بيان حقيقة الإيمان بعد أن فصلنا فيها القول، لكن نعيد ونوجز فنقول: إن (الإيمان) لفظة شرعية، وكل ما جاء به الشرع فتعريفه يؤخذ من الشرع، لا من مجرد اللغة، ولا من كلام اللغويين، ولا من غيرهم من العلماء، فما جاء معرفاً في لسان الشارع فإننا لا نحتاج معه إلى مجرد اللغة، فلا نقول: في اللغة كذا، فكثير من الناس يضل عندما يقول: الإيمان في لغة العرب هو التصديق، أو الناس يقولون: نؤمن بالبعث، أي: نصدق؛ كما فعل الباقلاني وغيره.
فنقول: لا، نحن لا نرجع إلى أحد من هؤلاء، فالألفاظ الشرعية يؤخذ تعريفها من الشرع، فالنبي صلى الله عليه وسلم مثلاً عرف الغيبة، فقد سئل: ( ما الغيبة؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره )، فالشيء الذي يحرمه صلى الله عليه وسلم بأمر من ربه فإنه يعرفه لنا، وكذلك الإيمان هنا، فقد قال لوفد بني عبد القيس: ( أتدرون ما الإيمان بالله وحده )، ثم عرفه، فلا يؤخذ التعريف من غيره.