معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (.. وغمط الناس)
والأمر الثاني: غمط الناس، أي: احتقار الناس وازدراؤهم، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم )، وذلك من أجل اللون، أو من أجل ما يسمونه في الأيام: الجنسية، أو من أجل الثروة، وقد يكون هذا المحتقر خير من ملء الأرض من مثل هذا المحتقر، فقد يكون في نظرك مجرد عامل بسيط، أو يكون في نظرنا في أعمال الدنيا، ولا يكاد يجد قوته، وهو رث الهيئة والملبس، ولكنه قد يكون خيراً عند الله عز وجل من كثير ممن يعجبك منظره، أو زينته في الحياة الدنيا، أو كلامه وقوله، كما ذكر الله تعالى عن المنافقين: (( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ))[المنافقون:4] أي: ليس لهم قيمة، فيهم جفاف ليس فيهم نداوة، وخشب مسندة ليس لها أصل، بخلاف ذلك الذي له أصل في التقوى، والإيمان، والعبادة، والذكر، فإذا قال المؤذن: الله أكبر؛ تطهر وذهب إلى بيت الله، وخشع، وبكى، وذكر الله، واستغفر الله، فهذا خير من الأرض من ملء أمثال هؤلاء، لكن معايير الناس تختلف، وينسون هذه الحقائق كثيراً. والغمط أيضاً لا يعني أنك تغمط من كانت هذه درجته فقط، فحتى لو كان مثلك وجعلته أقل منك فقد غمطته، فما بالك إذا كان أعلى منك وجعلته أقل منك؟! وما بالك إذا كان أعلى منك وجعلته لا يساوي شيئاً؟ فهذا غمط عجيب، ومن هنا يجب أن نذكر أنفسنا وإخواننا جميعاً بخطر احتقار المسلم، أو أن يرى المسلم لنفسه فضلاً على أخيه؛ ولا سيما إذا اعتقد ذلك، ولا نعني الشيء العابر، أو كما يظهر ويبدو للناس، لكن المشكلة إذا ظن واعتقد ذلك في نفسه، والقلوب لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.