فهذه العبارة الجامعة المانعة ميزت بين الجمال، والنظافة والتطيب في الأمر كله؛ وبين الكبر، فالكبر: بطر الحق، وغمط الناس، ففيه أمران: إما أن يكون المتكبر في ذاته لا يريد الحق ولا يقبله، فيستكبر عنه، حتى ولو كان من أوامر الله تبارك وتعالى فإنه لا يريده، وهذا مثل الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل بيمينك، فقال: لا أستطيع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا استطعت، فما رفعها بعد ذلك إلى فيه -أي: شلت والعياذ بالله- ما منعه إلا الكبر ) لأن بعض الناس يظن أن الأكل بالشمال هي أكلة المتأنقين، وأما الضعفاء والفقراء فإن أحدهم يمسك باليمين.. وهكذا، فلما كان الدافع له، والمانع الذي عارض به أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته الكبر؛ قال له: ( لا استطعت )، فلم يرفعها بعد ذلك والعياذ بالله.
فالكبر: بطر الحق، أي: أنه لا يريد أن يخضع للحق، ويشعر بأنه فوق الحق، وأنه فوق أن تقول له: هذا حرام، أو هذا واجب، أو هذه سنة، أو هذا مكروه، فيرى أن هذا الكلام لا يخاطب به مثله، وإنما تخاطب به العمال، والفقراء، والضعفاء، والطلاب، وأما إنسان بهذه الرتبة، وبهذا المنصب، ومعه هذا المال فإنه لا يخاطب بذلك على زعمه.