فـ
شيخ الإسلام رحمه الله بعد أن ذكر الحديثين اللذين هما العمدة في هذا الباب، وهما: حديث: (
ذهب أهل الدثور )، وحديث دخول الأغنياء قبل الفقراء، بعد ذلك يأتي بالأحاديث الأخرى، فمنها ما هو باطل كحديث
عبد الرحمن بن عوف هذا، ومنها ما هو صحيح لكن له معنىً آخر لا يلزم منه ذلك التفضيل، بل يعين على فهم القاعدة، ومنها هذا الحديث.يقول
شيخ الإسلام: (وقد ثبت في الصحاح أنه قال: (
اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء )، وثبت في الصحاح أيضاً أنه قال: (
احتجت الجنة والنار، فقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النار: مالي لا يدخلني إلا الجبارون والمتكبرون؟ )، وقوله: (
وقفت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها المساكين، وإذا أصحاب الجد -يعني أصحاب الغنى والمال- محبوسون، إلا أهل النار فقد أمر بهم إلى النار )، هذا مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير ) ).وهذه الأحاديث متفق عليها كلها أو أكثرها، فليس هناك خلاف في صحتها.يقول
شيخ الإسلام: (فهذه الأحاديث فيها معنيان: أحدهما: أن الجنة دار المتواضعين الخاشعين، لا دار المتكبرين الجبارين؛ سواء كانوا أغنياء أو فقراء).وقد ذكر
شيخ الإسلام هذا المعنى حتى يصحح النظرة، فلا يفهم أحد من قوله صلى الله عليه وسلم: (
فقالت الجنة: في الضعفاء، وقالت النار: في المتكبرون ) أن أهل الغنى في النار، وأهل الفقر في الجنة، فليس الأمر كذلك، وإنما يقول: إن المتكبرين والجبارين، سواء كانوا أغنياء أو فقراء فدارهم النار والعياذ بالله، وإن الخاشعين المخبتين المنيبين دارهم الجنة، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، فهذه هي القاعدة.