قال: (ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حوضه الذي طوله شهر وعرضه شهر: ( ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، أول الناس علي وروداً فقراء المهاجرين ) )؛ مع أن الفقراء موجودون في عامة الأمة، ولكن هذا خاص بفقراء المهاجرين.
قال: ( ( الدنسين ثياباً ) ) المفروض أن يكون هكذا: الدنسون؛ على خبر، فلا أدري لماذا نصب.
ثم قال: ( ( الشعث رءوساً، الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب الملوك، يموت أحدهم وحاجته تختلج في صدره؛ لا يجد لها قضاءً ) ) أي: أن بعضهم ربما يشتهي لحماً مشوياً مثلاً، فيموت ولم يطعم هذا اللحم، وربما يشتهي لبناً طازجاً طرياً حديث عهد بضرع، فلا يجده، وربما يشتهي أن يأكل خبزاً مرققاً، ليس من الشعير، ولا من النخال؛ فلا يجده، فيموت كثير من الناس ولم يجدوا ذلك، ولا عرفوه.
ففقراء المهاجرين لهم خاصية حتى على فقراء الأنصار؛ فضلاً عن غيرهم من الفقراء؛ لما أصابهم في ذات الله تبارك وتعالى، وابتغاء وجه الله من الشدة، وألم وتعب الهجرة، وفراق الأهل والمال بمكة، وما نالهم من الأذى والتعب، ففضلهم الله سبحانه وتعالى، فكانوا أول الناس وروداً على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا يقول شيخ الإسلام: (فكانوا أسبق إلى الذي يزيل ما حصل لهم في الدنيا من اللأواء والشدة) أي: المعانة والألم والتعب.
قال: (وهذا موضع ضيافة عامة) للأمة كلها.