العلة في دخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء
يقول: (فإن الفقير ليس معه مال كثير يحاسب على قبضه وصرفه، فلا يؤخر عن دخول الجنة لأجل الحساب) أي: أن العلة في التأخير ليست تفضيل هذا على هذا، ولكن لأن هذا لديه ما يحاسب عليه، والآخر ليس لديه ما يحاسب عليه، (فيسبق في الدخول، وهو أحوج إلى سرعة الثواب؛ لما فاته في الدنيا من الطيبات) فلا يجمع عليه بين الفقر في الدنيا والانتظار حتى يحاسب الأغنياء في الموقف، فالله تعالى من عدله وكرمه: أنهم كما فاتتهم الطيبات في الدنيا، وعاشوا على الفقر والكفاف؛ فإنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء، هذا بالنسبة للفقير.قال: (والغني يحاسب: فإن كان محسناً في غناه غير مسيء، وهو فوقه؛ رفعت درجته عليه بعد الدخول) أي: بعد أن يدخل الجنة فإنه يكون أعلى درجة من الفقير، (وإن كان مثله ساواه) فيصبح الفرق بينهما: تأخر هذا، وتقدم هذا، (وإن كان دونه نزِّل عنه، وليست حاجته إلى سرعة الثواب كحاجة الفقير) فهذا كله عدل، والله سبحانه وتعالى في كل أفعاله وأحكامه عدل عز وجل، (( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ))[الأنعام:115]، أي: صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأحكام.