شيء من سيرة الإمام رجاء بن حيوة
وأما رجاء بن حيوة ؛ فأي وزير أعظم وأفضل من رجاء رضي الله تعالى عنه! فعندما جاء سليمان بن عبد الملك الموت قال: لمن تريد الخلافة؟ قال: عمر بن عبد العزيز ، فتردد، فكتب رجاء الكتاب وجمع بني أمية وقال: إن أمير المؤمنين استكتمني وكتب الكتاب، فسنقرؤه ونفضه، فمن كان هو الخليفة فلا يعارض أحد، فأذعنوا كلهم، فقرأه وإذا به: عمر بن عبد العزيز ، فسلموا وأذعنوا، وقالوا: قد ذهب الأمر؛ لأن هذا سيجدد سيرة عمر بن الخطاب ، فالإقطاعات، والمخصصات كلها ستنتهي ما دام أن عمر قد تولى، لكن سلموا بذلك؛ لأن رجاء بن حيوة -هذا الوزير العالم الفقيه- نفع الله به، وفعل هذا الفعل.فإذا كان منهم من يتقرب إلى الأئمة والخلفاء بهذه النية لمصلحة الأمة، ويفتي ويقول الحق، ويعظ، ويأمر وينهى، فهذا له اجتهاده، وإن كان قد تكلم فيهم من تكلم من بقية السلف بسبب هذا.وأما أبو يوسف و محمد بن الحسن رضي الله تعالى عنهما فإنهما أيضاً كانا يدخلان على هارون الرشيد مثلاً، وكانا يريان أنهما بوجودهما عنده يقيمان الدين، ويقيمان الحدود، ويأمران بالمعروف، وينهيان عن المنكر، وهذا أيضاً اجتهادهما رضي الله تعالى عنهما.