فأما الزهري فإنه كان عالماً قرشياً، وكان -رضي الله تعالى عنه- من أغنى الناس، وكان يدخل على الخلفاء كما يدخل الخليفة على الخليفة، وكان يدخل عليهم فيهابونه، فيعظهم، وينصحهم، وينكر عليهم، وكانت الأمة كلها تعظمه وتجله؛ وذلك لأمرين: لعلمه، وزيادة على ذلك أنه قرشي، ولو جاءهم عطاء رضي الله تعالى عنه مثلاً فإنهم لا يقدرونه كما لو دخل عليهم الزهري ، فـالزهري إذا دخل عليهم فإنه يتكلم ولا يهاب، وينكر ولا يخاف، وهم يخافون منه، وإن كان كذلك غيره يجاملونه، لكن ليس بمثل قوة الزهري ، فمن هذا الباب كان ميالاً إلى هؤلاء بطبعه.