الجانب الثاني -وهو أهم، وأصبح الآن لا نقاش فيه-: أن الناس بعد ما تطور علم الأحياء في القرن العشرين، ثم بعد ما توصل إليه في العشرين سنة الأخيرة تقريباً وهو: علم الهندسة الوراثية -كما يسمونه- أو الهندسة الجينية، تبين لهم بما لا يدع مجالاً للشك بطلان تلك النظريات جميعاً، وأصبح كثير من العلماء المتعمقين المختصين يقولون بكل صراحة وبكل وضوح: لا بد لنا من الإيمان، فأبحاثنا وتجاربنا وآخر ما توصل إليه العلم الحديث يقودنا إلى الإيمان المطلق بوحدة الجنس البشري، وأن أصل بني آدم كلهم مهما اختلفت مناطقهم أو ألوانهم رجل وامرأة. فهذه الحقيقة أصبحت مسلمة، وسواء نظرنا إلى الأسبينو، أو نظرنا إلى الأقزام، أو نظرنا إلى العمالقة الموجودين في مناطق معينة من العالم، أو إلى سكان المناطق الاستوائية، أو سكان الجزر النائية التي تبعد آلاف الكيلو مترات عن القارات المعروفة.. كل هؤلاء على اختلافهم لوناً أو حضارة أو فهماً أو تاريخاً؛ يرجعون إلى أب واحد، وأم واحدة، أي: أسرة واحدة فقط، ومنها تفرعت البشرية، أصبحت هذه عندهم حقيقة، وصار هذا يدرس في جامعاتهم؛ لأنهم يطورون مناهجهم، وأما عندنا في العالم الإسلامي فلا يزال يدرس الكلام المتأثر بنظريات القرن التاسع عشر، وأن هذه السلالات تطورت كل سلالة فيها منفردة عن الآخرى. وعندنا كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو قطعي وصريح في ذلك، وهو يغنينا والحمد لله، وليس عندنا شك في هذا، لكن كونهم ينطقون، ويشهدون على أنفسهم بأنفسهم فهذه حقيقة، وهذا برهان من الله عز وجل ساقه إلينا؛ ليؤكد ما نقوله: إن دعوة الله عز وجل، ودين الله ليس فيه فضل لعربي على عجمي، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، وهذه هي القاعدة التي يجب أن يتعامل بها بنو الإنسان.