ظهور المفاخرة والعنصرية في القرن الثاني الهجري وأثرها على المسلمين
وهنا نشير إلى قضية تجدونها في التاريخ الإسلامي -مع الأسف- وهي: أن المفاخرة قد ظهرت مرة أخرى قبل نهاية القرن الأول الهجري، والشيخ هنا لم يتعرض إلا لمسألة: الفقير الصابر، والغني الشاكر، وهناك عدة أنواع من المفاخرات سنتعرض لها إن شاء الله بالتفصيل، لكن الأمر الخطير الذي ظهر هو: فكرة العنصرية والجاهلية التي نشأت بين العرب اليمنية، والعرب المضرية، وهذه نشأت في أيام الدولة الأموية، ولو قرأتم كتاب فتح الأندلس أو فتح بلاد ما وراء النهر ، وتاريخ الطبري فستجدون أن اشتداد هذه العنصرية والعصبية بينهما أدت -أكثر من مرة- إلى هزيمة المسلمين، وإلى أن يغلبهم أعداؤهم، فكانوا في أثناء الحرب تشتعل بينهم المفاخرة، وينسون العدو المشترك، فيأتي العدو -سواءٌ كان من الترك في بلاد الشرق، أو من الغربيين الأوروبيين في الأندلس -؛ فيغلبون هؤلاء المسلمين.وقد عانى قتيبة بن مسلم الباهلي -القائد المشهور المعروف- أشد المعاناة من أن جيشه ينقسم إلى قسمين: العرب اليمنية، والعرب المضرية أو (قيس)، وقيلت أشعار الهجاء الطويلة الشديدة كما في دواوين الشعر، ونجد في كتب الأدب وكتب التاريخ: أنهم كانوا في مجالس الخلفاء يفخارون بين العرب المضرية، والعرب اليمنية، وكل منهما يفتخر على الآخر، فكانت هذه بداية مؤلمة جداً، وفي عصر يعتبر مبكراً لنشوء الفكرة الجاهلية العنصرية العصبية.وقد دفع المسلمون ثمن ذلك، ومن ذلك ما جرى في معركة: بلاط الشهداء، فقد عانى عبد الرحمن الغافقي رحمه الله من انقسام الجيش إلى عرب مضرية، وعرب يمنية، وما حدث بينهما من فرقة وخصومة، فبدأ ذلك في القرن الأول.