وفي هذه الفترة كان العالم الإسلامي كله أو -على الأقل- ما يوازي منه أوروبا وهي: منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط؛ كانت تحت حكم الدولة العثمانية، ولم يكن المسلمون يعرفون أي شيء عن الفكرة القومية، ولا الوطنية، إلى أن استوردوا هذه الفكرة، وأول ما ظهرت في مصر ، وظهرت أيضاً وطنية، ولم تظهر قومية، فظهرت الوطنية المصرية، والافتخار بـمصر ، وأمجاد مصر ، وبدءوا يفتخرون بالفراعنة، وما قبل الفراعنة؛ تأثراً منهم بالمبتعثين الذين ابتعثوا إلى فرنسا ، وتأثروا بفكرة الوطنية الفرنسية، والدولة اللادينية، ونشأت في مصر دعوة قوية جداً إلى الوطنية؛ حتى كانت كل الأحزاب -على اختلافها- تفخر بالوطنية، فنجد حزب الوفد كان وطنياً، وكذلك كان سعد زغلول ، و مصطفى كامل ، ورغم عداوة مصطفى كامل لـسعد زغلول ، ورغم ما عنده من مسحة إسلامية، لكن كان يقول: لو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون مصرياً، وكان هذا شعاراً يبثه على قومه.
وكان أحمد شوقي ، و حافظ إبراهيم شاعرين وطنيين، وقل أن تجد لهما شيئاً من الشعر الذي يفتخرون فيه بالعرب، أو بالعالم الإسلامي إلا أحياناً، فالأصل عندهم في الفخر هو الوطنية، ونوع من الامتزاج بالقومية لكن لم تظهر ملامحه، ولم تتضح في تلك المرحلة.