وهذه القومية عند اليهود إنما جاءتهم من فهم باطل للتوراة وتحريف لبعض نصوصها، أو من ابتداعهم في الكتاب الكبير الذي ابتدعوه واتبعوه أكثر من التوراة وهو ما يسمى: التلمود ، ومن آثار هذه القومية والعنصرية اعتقادهم أنه لا يمكن أن يكون نبي إلا من بني إسرائيل، وكان ذلك من جملة أسباب كفرهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من الأميين، وقد بين الله تبارك وتعالى في سورة الجمعة تفضله وإنعامه على الأميين فقال: (( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ))[الجمعة:2]، ثم بين سبب هذا التفضيل وهو: أن اليهود لا يستحقونه فقال: (( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ))[الجمعة:5]، فهذا الفضل من الله تبارك وتعالى على الأميين هو بحكمته، فهو الذي اختارهم لحكمة يعلمها، وأما أولئك فنزع منهم النبوة لأن حالهم أصبح كمثل الحمار يحمل أسفاراً، فنزعت منهم النبوة، فهم يرون أنهم أحق الناس بالنبوة، وألا نبوة في غيرهم، ووصل بهم الحد إلى اعتقاد أن غير اليهود هم من الأميين، أو يسمونهم: الكفار، فالمهم أن أي إنسان غير يهودي؛ سواء كان نصرانياً، أو مسلماً، أو من أي دين آخر من باب أولى؛ فهم إنما خلقوا ليكونوا كالحمير لليهود ، فيركبهم شعب الله المختار.
ويعللون سبب خلقة الله سبحانه وتعالى لغير اليهود على شكل اليهود فيقولون: هذا من فضل الله على اليهود ؛ حتى يستطيعوا استخدامهم، وإلا فهم في الحقيقة كالحمير والبغال والجمال وغيرها من الحيوان، لكن الله خلقهم على صورة اليهود ليستطيع اليهود أن يستخدموهم كما يشاءون، فهم وأموالهم حلال لهم، ولا حرج عليهم في شيء من ذلك.
وذلك كما قلنا بسبب نصوص من التوراة حرفت، أو ما وضعه الأحبار والرهبان في التلمود ، فأما نصوص التوراة المحرفة فكثيرة، وهذا ما بينه الله تبارك وتعالى، وذلك معلوم بالتواتر: أنهم حرفوا التوراة.