والذين ضاقوا من هذه الحياة، وتسخطوا منها، وعانوا الأمرين؛ ركبوا زوارق بسيطة وهربوا إلى أمريكا حين اكتشفت، وهذا الأمر ينقلنا إلى المساواة، فمن أين جاءت المساواة والعدالة إلى أمريكا ؟ فبعض الناس يقول: إن الأمريكيين أناس مهذبون بطبيعتهم، وأنهم خلقوا على فطرة سليمة، وأنهم اتفقوا على الحرية والعدالة، وليس الأمر هكذا، فهؤلاء هم أبناء الفارين الهاربين من جحيم الحروب الأهلية، والصراعات العرقية والدينية في أوروبا ، فلما وصلوا إلى أمريكا إذا بهم وجهاً لوجه أمام بعض، فنشبت بينهم هناك صراعات ومشاكل، فرأى هؤلاء المهاجرون أن أحسن شيء أن يتفقوا على دستور وهو الدستور الأمريكي الآن الذي يفتخرون به، وأنه لا يبحث عن دين أي إنسان، ولا عن عرقه؛ وبالذات الأبيض الأوروبي، وأما من كان من جنس آخر فإلى اليوم لا يعترف به أنه بشر بالمعنى الكامل إلا ورقياً، وأما الأوروبيون فقد اتفقوا أنه لا يسأل أي إنسان عن دينه، ولا عن عرقه؛ حتى يعيشوا سواء، فهم كلهم مهاجرون، فهذا أتى من إيطاليا ، وهذا من إيرلندا ، وهذا من أسبانيا .. فلا تصلح أمورهم إذا هم نقلوا العداوة والصراع إلى هناك.