فالمهم أنه في عام (1789م) قامت الثورة الفرنسية في تقويمهم الميلادي، وعندما قامت هذه الثورة قامت على أفكار عصر التنوير، وعصر التنوير -كما يسمونه- قام على أفكار عصر النهضة، وعصر النهضة قام على غيره، وتجد أنهم لم يأخذوا هذا من ضرورة العدالة، أو الحرية، أو المساواة، أو التنقل؛ وإنما أخذوه من التاريخ الإسلامي، ومن حياة المسلمين، ولكن لا يستطيع أحد منهم أن يقول هذا الكلام، فالكنيسة تحرمه حرماناً كلياً مطلقاً.ولهذا لما نقد
فولتير -وهو شاعر فرنسي مشهور- الكنيسة وتكلم؛ حرم، فلأجل أن يبرئ نفسه فقد كان يهاجم
النصرانية ، ويهاجم الإسلام؛ وذلك حتى لا يقال: إن
فولتير ألحد أو تزندق واتبع دين المسلمين، فكان يتبرأ من الإسلام و
النصرانية ، مع أنه في داخل نفسه -كغيره من المفكرين الذين لهم اطلاع- يعلم أن ما يقوله إنما هو مأخوذ فعلاً من الإسلام، وأن الإسلام بريء مما ينسب إليه، لكنهم لم يكن أحدهم يستطيع أن ينسب هذا إلى دين، وإنما ينسب ما تعلمه من ذلك إلى الحضارة اليونانية، أو إلى الرومان.ولذلك تجد عندهم اعتداداً غريباً وعجيباً جداً بمخلفات أجداهم الرومان واليونان، وإنكار مطلق لما أخذوه عن المسلمين.فعندما بنوا عاصمة
للولايات المتحدة الأمريكية سموها
فيلادلفيا ، وهي موجودة إلى الآن، وهي في الأصل مدينة يونانية قديمة، فهم ينتمون إلى الأصول اليونانية القديمة، وكأنهم لم يعرفوا شيئاً من الخير إلا عن طريق أجدادهم هم، ولم يحتاجوا إلى غيرهم من العالم، ولا نورهم أحد من العالم، فعصر التنوير، وقبله وهو ما يسمونه عصر النهضة؛ كل ذلك إنما تنقل في أجيالهم من أجداهم حتى وصل إليهم.