فإذا أراد البابا أن يشن حرباً صليبية، وهذا كان أهم ما يشغل أوروبا ، ولا يزال أهم شيء يشغل ذهن القادة الغربيين منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم: كيف نحارب الإسلام؟ فهذه قضيتهم الأولى، وحتى الشيوعية وغيرها مما شغلهم كانت مرحلة مؤقتة عارضة، لكن كان همهم: كيف نحارب الإسلام؟ وكيف نتجنب خطر الإسلام؟ وهذا نجده الآن بوضوح، فأي إذاعة وأي جريدة غربية، ومن ذهب إلى هناك فإنه لا يكاد يسمع، ولا يقرأ، ولا يجد غير هذا الكلام، فهذه هي قضية الحكام، وحكماء الإجرام والطغيان الذين يخططون، فالبابا هناك هو الذي يأمر، فيعمم على جميع ملوك أوروبا : أن أي ملك لا يأتي إلى حرب المسلمين، ويشترك معنا في الحملة؛ فإنه سيحرم ويصدر قرار حرمان، فيحرم من الجنة، ويحرم من الملك، ويحرم حتى من كل شيء، فالبابا يتحكم في كل شيء.
فيأمر الملك، ويأمر الإقطاعيين بأن كل إقطاعي عليه أن يقدم عدداً معيناً من الجنود، فيجتمع هؤلاء الجنود ويحشرون براً أو بحراً في السفن، ويقذفون إلى شواطئ العالم الإسلامي؛ ليكونوا محاربين، وهذا منتهى الهمجية، فهم لا يعرفون أي شيء، وقد تعودوا على الذل والعبودية قروناً طويلة، فلا يستطيع أن يفكر بنفسه أبداً، ولا أن يتصرف إلا تبعاً لما يؤمر وما يقال له من قبل هؤلاء.
فليس عندهم حق التنقل، ولا حق التملك، ولا حق التعلم، ولا أي حق من الحقوق التي كانت بدهية جداً في عالمنا الإسلامي الرحب؛ الذي كان يمتد من شواطئ المحيط الهادي شرقاً، إلى شواطئ المحيط الأطلسي غرباً، فكل هذا العالم الإسلامي -والحمد لله- يعيش في نعيم، وفي جنة بالنسبة إلى هؤلاء على الأقل، فأقل منطقة في العالم الإسلامي تقدماً تعد أكثر تقدماً بكثير جداً بالنسبة إلى أوروبا .