التحايل على الناس بخفة اليد، وبعض الحيل الكيميائية
يقول الشيخ: (وبعضهم إذا فرق الدراهم، على الحاضرين أخذت منهم، فلا يمكنون من التصرف فيها).. إلى أمور كثير يطول وصفها، وآخرون ليس عندهم من يعينهم على ذلك من الشياطين. وهذا هو النوع الثالث، فبعضهم والعياذ بالله مستعد أن يذبح للشيطان، وأن يستغيث بالشيطان، وليس عنده مشكلة في ذلك، فالمهم أن يكون ساحراً فقط، لكن لم يجد شيطاناً يعينه ويخدمه، فيضطر إلى أن يبحث عن الحيل؛ فيتحايل مثل هذه الحيل التي هي حيل كيمائية، أو فيها خفة يد وليست من السحر، ولا من الخوارق، فيظهر أمام الناس وكأن الشياطين تخدمه، وبعضهم يفتخر بهذا، فيحب أن الناس يقولون: إن فلاناً يحضر الجن، وأن عنده جناً يخدمونه، وليس عنده شيء، وإنما يتحايل ببعض الحيل التي قد تنطلي على بعض الناس، وقد تكون أحياناً من الأحاجي والألغاز، فيأتيه مثلاً بأحجية، ويكون الجواب معروفاً، ويستطيع أن يستنبطه الشخص، فيقول له: ما رأيك في كذا وكذا؟ فيقول له: أنا عرفت المبلغ هو كذا أو كذا، ويكون الجواب مستنبطاً من السؤال، وهذه طريقة معروفة في الرياضيات، فيقول الناس: هذا عنده علم، فالمهم أن يلبس على الناس بأي شكل من الأشكال والعياذ بالله.وأما خفة اليد التي سأل عنها الكثير، والتي تعرض مع الأسف في التلفزيون أو في غيره؛ فهي أمور قد لا تشترط أن تكون حيلة حقيقية، أو حيلة شيطانية، وإنما هي حيل خفية، كما يعرضون أحياناً صورة رجل أو امرأة في صندوق، وبعد هذا يقصون الصندوق كاملاً، فتظن أنهم قد نشروا الموجود في داخله، ثم يفتح رجل منهم الصندوق ويخرجون الرجل كما هو، والحقيقة أن هناك رجلين، لكن واحد منهم متقرفص، والأرجل هي أرجل شخص ثاني مد أرجله، فأنت ترى الرأس من هنا، وترى الأرجل من هنا، وكل منهما في صندوق، فلما ينشر يفصل بين الرجلين، ثم يخرج رجل كاملاً سليماً.فكثير من الناس يأتون بهذه الخوارق، ومع الزمن يتقنها الواحد منهم، فتجده يضع في يده شيئاً معيناً، ثم ينفخ فيه فيخرجه من يده الأخرى، فهذا يكون بحيل خفية قد لا تكون للشياطين فيها يد، وإنما هي حيلة منه، وقد تكون بالتعاون بينه وبين الشياطين، فلو أن أحداً جلس وقرأ آية الكرسي؛ فإنه يرى الرجل لا يفعل أي شيء، والناس يتعجبون مما يفعل، وهو لا يراه يفعل أي شيء؛ لأن التلبيس يذهب عن عينه، وتذهب الغشاوة عندما يقرأ هذه الآيات.والمقصود من هذا أن نعلم وأن نعرف أن أولياء الرحمن وأولياء الشيطان بينهم فرق عظيم، فلا يصح أن يلتبس الأمر فنخلط بين هؤلاء وهؤلاء، ونظن أن هذا ولي بمجرد أن يظهر على يده شيء من هذه الخوارق التي نراها نحن غريبة أو غير مألوفة، فلدينا معيار في ذلك وهو معيار الاتباع، فولي الله هو رجل يحب الله، ويحبه الله والله تعالى يقول: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ))[آل عمران:31].إذاً لا بد أن ننظر إلى الاتباع، فإن كان هذا الرجل متبعاً لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مقتفياً للسنة وللآثار، ولما كان عليه السلف الصالح عقيدة وعلماً وعملاً ودعوة؛ فهو من أولياء الله؛ سواء ظهرت على يديه هذه الخوارق أم لم تظهر، وإن غير ذلك فهو من أولياء الشيطان.