وهذا من مشابهتهم وأخذهم عن الفلاسفة الذين علموهم أن مقام النبوة دون مقام الولاية، وأن النبوة عندهم أمرٌ مكتسب، والكلام الذي في تعريف الرسالة يحتاج إلى شرح ليس هذا محله؛ لأننا إن شاء الله تعالى سنعرض له بإذن الله في موضوع الكرامات بالتفصيل.
فهم زعموا أن النبي لا بد أن يكون له قوة تخيلية، أو قوة علمية، وقوة نفسية، وقوة فعالة أو تخييلية، والصوفية أخذوا هذا عن المتفلسفة، فـابن عربي وأمثاله إنما اتبعوا أرسطو و أفلاطون ، وظنوا أن ما قاله أرسطو عن الله وعن العقل الفعال وعن الأفلاك ينطبق على الملائكة، وما قاله عن القوة التخييلية ينطبق على الوحي، وأن النبوة تكون مكتسبة، فكذلك الولاية تكون مكتسبة، بل زادوا على هذا فجعلوا الولي أعظم من النبي فقالوا:
مقام النبوة في برزخ             فويق الرسول ودون الولي
فجعلوا الولي أعلى من النبي، وجعلوا خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وهذا كفر صريح والعياذ بالله، وقد أخذوه من كلام الفلاسفة ومصطلحاتهم، وألبسوها لباس الإسلام، وأدخلوها في دين الإسلام، وموهوا بها على الناس؛ ولذلك ذكر الشيخ رحمه الله بعض كلام ابن عربي في هذا، وبين أنهم جعلوا العقل الفعال هو الله تعالى مثلاً، وضلوا في الكلام عن عالم الجبروت، وعالم الملكوت، وعالم الشهادة، ويقولون: إن الأفلاك هي الملائكة وغير ذلك من الضلالات التي كفروا بها، نسأل الله العفو والعافية.