ثم قال رحمه الله: [ومنهم: النازعات غرقاً]، يقول الحافظ
ابن كثير رحمه الله: "قال
ابن مسعود و
ابن عباس و
مسروق و
سعيد بن جبير و
أبو صالح و
أبو الضحى و
السدي: (والنازعات غرقاً) الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها"، وهم المجرمون والكفار الذين تأخذ الملائكة أرواحهم بقوة؛ لأنهم إذا رأوا ملائكة العذاب تفرقت الروح في الجسد، فينزعونها من كل عرق وعصب، فتغرق الملائكة فيكون ذلك تغرق في نزعها. يقول: "ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط -أي: كأنما كان مربوطاً فحل ذلك الرباط- وهو قوله: ((
وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا))[النازعات:2]. قاله
ابن عباس".
والنازعات -كما ذكر الشارح- جمع نازعة، وكذلك الذاريات والمرسلات كلها جمع تأنيث، وذلك باعتبار الطائفة، يقول الشارح: [ومعنى جمع التأنيث في ذلك كله: الفِرَق والطوائف والجماعات، التي مفردها: فرقة وطائفة وجماعة].
فيكون المعنى: الطوائف النازعات، أو الفرق النازعات، أو الجماعات النازعات، إما باعتبار أن الملائكة ترسل دفعةً، أو باعتبار ما تقبضه من أرواح دفعة واحدة. أي: أنها تقبض ثم تقبض ثم تقبض، وتنزع ثم تنزع ثم تنزع، إذاً معنى النازعات: الطوائف أو الفرق التي تنزع أرواح الكفار، أو الأرواح التي تُنزع بقوة وشدة وغلظة.
(وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا) هي الملائكة التي تنزع الأرواح بخفة وسهولة.
ثم قال
ابن كثير: "وعن
ابن عباس [
(وَالنَّازِعَات) هي أنفس الكفار، تُنزع ثم تُنشط ثم تُفرق في النار ] رواه
ابن أبي حاتم "، فعلى هذا المعنى يقسم الله تعالى بأرواح الكفار حين تنزع ثم تنشط.. إلخ، لكن الأظهر -والله أعلم- هو القول الأول، قال: "وقال
مجاهد: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) الموت. وقال
الحسن و
قتادة: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً) هي النجوم". وقول
مجاهد: أنها الموت، لا يعارض ما ذكر؛ لأن الموت يكون بالملائكة، فهو كالقول في العاصفات، وقول
الحسن و
قتادة: [
أن النازعات والناشطات هي النجوم؛ لأنها تنزع وتنشط] قول محتمل من حيث اللغة.
قال: "وقال
عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: (وَالنَّازِعَات) و(النَّاشِطَاتِ): هي القسي في القتال". أي: القوس عندما يقاتل به، فينتزع وينشط، يقول
ابن كثير رحمه الله: "والصحيح الأول، وعليه الأكثرون"، وهو أنها الملائكة، وهو الذي عليه الأكثرون من
السلف .