إن الإمام
البخاري مثلاً رحمه الله ما طار في الهواء، ولا مشى على الماء، فهل يعني ذلك أنه ليس لديه كرامة؟ الجواب: لا، فهو له أعظم من هذه الكرامات، منها كونه أُعطي هذا الحفظ، ووفقه الله لكتابة الصحيح الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله، تقرؤه الأمة وتهتدي به الأئمة إلى قيام الساعة، وهذه كرامة عظيمة جداً.وكذلك الإمام
أحمد أُعطي كرامات عظيمة جداً، وليس منها أنه طار في الهواء مثلاً، بل لأنه صبر في الفتنة، وسجن، وأوذي، وضرب في الله عز وجل حتى خرجت أمعاؤه وهو صابر على الحق، ووقف في وجه الظلم والضلال والبدعة بعد أن استسلم أكثر الناس أو جاملوا أو وروا وعرضوا حتى لا يفتنوا، فكون الله تعالى يختص عدداً من الأئمة وحملة الحق أن يصمدوا وحدهم في الميدان مع انحراف أكثر الخلق، فهذه كرامة عظيمة أعظم من أنه طار في الهواء أو مشى على الماء، ثم إنه ألف
المسند ، هذا الكتاب العظيم الذي يعد ديوان الإسلام وديوان السنة، فقل حديث في
الصحيحين إلا وهو في
المسند ، وكذلك الكتب الستة هي في
المسند إلا ما ندر، وفيه زيادات أخرى عظيمة، فتأليف
المسند كرامة عظيمة جداً، وليس كأي كتاب، ومن كراماته أيضاً ما أعطاه الله من القبول بين الناس، وما أعطاه الله عز وجل من هذه الإمامة في الدين، فإذا اختار الله عبداً واصطفاه جعله إماماً في الدين، وإماماً للمتقين كما قال تعالى عن عباد الرحمن: ((
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ))[الفرقان:74] فهؤلاء هم الأئمة إلى قيام الساعة، وهذه هي الولاية والكرامة الحقيقية.