ثم قال: "وقوله تعالى: ((
فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا *
فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا *
عُذْرًا أَوْ نُذْرًا))[المرسلات:4-6] يعني الملائكة. قاله
ابن مسعود و
ابن عباس و
مسروق و
مجاهد و
قتادة و
الربيع بن أنس و
السدي و
الثوري، ولا خلاف هاهنا، فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل، والهدى والغي، والحلال والحرام"، فلا خلاف بين
السلف في أن (الفارقات فرقاً) هي الملائكة، ويعلل ذلك بأنها تنزل بالوحي من عند الله، وبأمر الله سبحانه وتعالى، فتفرق به بين الحق والباطل، وبين الغي والهدى، وبين الضلال والرشاد، وبين الحلال والحرام.
إذاً: فالفارقات هي الملائكة، قولاً واحداً. يقول: "وتلقي إلى الرسل -أي: (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً)- وحياً فيه إعذار إلى الخلق، وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره"، فقوله تعالى: ((
فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا *
عُذْرًا أَوْ نُذْرًا))[المرسلات:6]، الذكر هو: العذر أو النذر، وعليه فلا يحتمل إلا أنها الملائكة تلقي الوحي من الله سبحانه وتعالى بما فيه من إعذار وإنذار.