‏يقول ابن رجب: (قال عمر لـكعب : [ أخبرني عن الموت. فقال: يا أمير المؤمنين! هو مثل شجرة كثيرة الشوك في جوف ابن آدم، فليس منه عرق ولا مفصل، وهو كرجل شديد الذراعين، فهو يعالجها ينتزعها ] فكبى عمر). أي: هذه الشجرة داخلة في كل عرق وفي كل مفصل، ورجل قوي جداً يريد أن يقتلع الشجرة، فينتزع الحياة من كل عرق، ومن كل عصب، ومن كل مفصل، فهذه هي شدة الموت نسأل الله أن يعيننا وإياكم.
قال: ( [ ولما احتضر عمرو بن العاص سأله ابنه عن صفة الموت، فقال: والله لكأن جنبي في تخت، ولكأني أتنفس من سم إبرة -أي: خرم إبرة- وكأن غصن شوك يجر به من قدمي إلى هامتي ] ). هذا وصف الموت كما وصفه عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، وهو من أبلغ العرب وأفصحهم، فالموت عظيم وشديد وأليم.
قال: (وقيل لرجل عند الموت: كيف تجدك؟ فقال: أجدني أجتذب اجتذاباً، وكأن الخناجر مختلفة في جوفي، وكأن جوفي في تنور محمي يلتهب توقداً) -نسأل الله العفو والعافية- فهذه والله حال الإنسان عند الموت، فليعد كل منا لهذا اليوم عدة وجواباً.
قال: (وقيل لآخر عند الموت: كيف تجدك؟) وتأمل كلامهم قبل أن يدخلوا في شدة السكرات، فلا يستطيع أن يتكلم، (فقال: كأن السموات منطبقة على الأرض عليَّ، وأجد نفسي كأنها تخرج من ثقب إبرة). ولذلك وصف الموت شديد على أية حال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عانى من ذلك وقال في الحديث الصحيح: ( إن للموت لسكرات ).