ومثله زميله ونظيره
سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه، فقد قتله
الحجاج ظلماً وعدواناً، قال: (فقد صبر على أذى
الحجاج حتى قتله، وكان مجاب الدعوة) حتى إنه كان له ديك يقوم بالليل فيصيح -أي: يؤذن في الليل- فلم يقم في ليلة من الليالي ولم يؤذن، فلم يقم
سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه إلى الصلاة، فقال: [
ما له قطع الله صوته، قالوا: فما أذن الديك بعدها أبداً، فقالت له أمه: يا بني! لا تدع بعد هذا على شيء؛ لأنه إذا دعا على شيء وقع الدعاء].وقد بعث
الحجاج في طلبه إلى
مكة، فلو أنه -وهذا حاله- دعا الله لأفلت من عيون
الحجاج ومن جواسيسه، أو لو أنه إذ قبض عليه دعا الله أن يفلت منه لما قتله، لكنه لم يفعل ذلك، واحتسب وصبر، ودعا الله تعالى دعوة عظيمة، فقال: [
اللهم لا تمكنه من أحد بعدي]، ففدى المؤمنين بنفسه، فاستحيا أن يدعو الله ألا يمكنه من نفسه، ولكنه قال: أنا أمام الشهادة، لكنه أشفق على إخوانه المسلمين فقال: [
اللهم لا تمكنه من أحد من بعدي]، فقتله
الحجاج ، فلم يعش
الحجاج بعده إلا بضع عشرة ليلة ثم هلك، ولم يقتل بعده أحداً، فاستجاب الله تعالى دعاءه، وكذلك يجيب الله دعاء عباده المؤمنين.