ترك إبراهيم التيمي للدعاء عند حبس الحجاج له
(وقيل لـإبراهيم التيمي وهو في سجن الحجاج : لو دعوت الله تعالى) وإبراهيم التيمي رضي الله تعالى عنه كان من أكثر التابعين عبادة وفضلاً، فيرجى أن يستجاب له، فطلبوا منه أن يدعو الله أن يفكه من أسر هذا الظالم الباطش الحجاج، (فقال: [أكره أن أدعو أن يفرج عني ما لي فيه أجر] ).فهو يقول: أنا أرى أن أجري واحتسابي هو في سجن هذا الظالم الفاجر الجبار الذي فعل ما فعل بخيار خلق الله في أيامه، وهذا خير لي من أن أطلق، وهذه من الأمور التي لا يدركها كثير من الناس ممن همه الدنيا فقط، فيظن أن غاية ما في الأمر أن يخرج من سجن الدنيا فقط، وهذا غير صحيح؛ لأن الحقيقة: أن العبودية هي عبودية القلب، والرق هو رق القلب، والأسر هو أسر القلب، فـإبراهيم رحمه الله لو أنه خرج فلربما ظل ملاحقاً، فيظل خائفاً أن يرجع، وأما الآن فهو في السجن وانتهى، فهو مطمئن، ويحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى، وجنته في صدره كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، فيذكر الله، ويحتسب الأجر حتى يفرج الله عنه هذا الهم. ولذلك كان السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم يدركون ما لا يدركه من بعدهم؛ ولا سيما من كانت نظرته نظرة أهل الدنيا البحتة.