استجابة الله تعالى لدعاء حبيب العجمي
قال: (وكان حبيب العجمي أبو محمد معروفاً بإجابة الدعوة، فمر يوماً فوجد غلاماً طفلاً أقرع الرأس، أي: ليس عليه شعر، فجعل يبكي ويمسح بدموعه رأس الغلام) أي: أنه رثى له، وأشفق عليه، وحنا عليه لما رآه بين الأطفال وهو أقرع، والكل يزدريه ويحتقره، وينظر إليه نظرة لا ترضي ذلك الطفل، فأخذ يدعو الله تبارك وتعالى ويبكي؛ ليستمطر ويستنزل رحمة الله، ويمسح رأس الطفل بدموعه، (فما قام عنه حتى أسود رأسه إلا وعاد كأحسن الناس شعراً)، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، فإذا تعامل الناس برحمة الله تبارك وتعالى، وإذا رحموا عباد الله رحمهم الله عز وجل، فالواجب على كل إنسان -وهذا من شيم المؤمن، وهو دليل على الإيمان في قلبه- أن يكون رحيماً عطوفاً شفوقاً على الضعفاء والمساكين، والمنقطعين والمحرومين، والذين لا يجدون من يقوم بشأنهم إلا الله عز وجل.(وأتي أيضاً حبيب العجمي برجل زَمِن في محمل)، أي: أنه رجل لا يستطيع الحركة، وقد أتي به محمولاً (فدعا له بأن يعافيه الله عز وجل، فقام الرجل على رجليه، فحمل محمله -أي: الذي جاء محمولاً فيه- على عنقه ورجع إلى عياله) وقد عوفي بفضل الله تبارك وتعالى، ثم بدعاء هذا العبد الصالح.(واشترى في زمن مجاعة طعاماً كثيراً، فتصدق به على المساكين) وهذا أيضاً جانب من جوانب الرحمة، فالراحمون يرحمهم الرحمن، ويكرمهم عز وجل، وهذا أمر مستفيض، فمما يقوي إيمان العبد أن يقول ذلك، فمن يرحم خلق الله عز وجل يرحمه الله، و(من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه من كربات يوم القيامة) ما هو أعظم وأشد.فاشترى طعاماً كثيراً ووزعه على الفقراء، (ثم خاط أكيسة فوضعها تحت فراشه، ثم دعا الله تعالى) أي: أنه عاد إلى بيته فخاف من الدين إذا جاءوا ماذا يقول لهم، فصنع أكيسة، ودعا الله تبارك وتعالى، فلما جاء أهل الدين وأتى كل منهم يطلب دينه أخذ تلك الأكيسة (فإذا هي مملوءة دراهم، فوزنها فإذا هي قدر حقوقهم، فدفعها إليهم)، حتى أعطى كل واحد منهم دينه الذي عليه، وهذا من فضل الله عز وجل عليه.وكان هناك رجل يعبث به كثيراً، أي: من أهل الأذى، ومن السفهاء الذين لا يعرفون قدر العلم، ولا قدر أهل الخير والفضل، فهذا الرجل جاء يعبث بـحبيب العجمي ويتسفه عليه، فدعا عليه فأصابه البرص، نعوذ بالله.يقول: (وكان مرة عند مالك بن دينار ، فجاء رجل فأغلظ لـمالك ؛ من أجل دراهم قسمها مالك).أي: أن مالك بن دينار رضي الله تعالى عنه كان لديه دراهم، فقسمها ووزعها، فجاء هذا الرجل فأغلظ عليه كحال كثير من الخلق، ويقول له: لماذا أعطيت فلاناً؟ ولماذا لم تعط فلاناً؟ وأنا لم تعطني؟ مثلاً، فشدد عليه في القول حتى آذاه، (فرفع حبيب العجمي يديه إلى السماء وقال: اللهم إن هذا قد شغلنا عن ذكرك، فأرحنا منه كيف شئت، فسقط الرجل على وجهه ميتاً) نعوذ بالله.