بيان الأصل في الدعاء
ونلاحظ -وهذا يجب أن ننبه إليه- أن الأصل والأساس في الدعاء هو الاضطرار والافتقار، فالإنسان عندما يدعو وهو جالس منعم ومرفه فإنه يؤجر إن شاء الله على ذلك، والدعاء لا يترك على أية حال، لكن ذلك ليس كدعائه في حال الاضطرار والافتقار والضنك، كما دعا يونس عليه السلام، فلا ملجأ من الله إلا إليه، وتنقطع الحيل، وتنقطع السبل، وليس هناك منقذ، ولا مخلص، ولا منجا إلا أن يضرع إلى الله، ففي هذه الحالة يكون ذلك أرجى للقبول، وكذلك الانقطاع في مكان خال، وفي برية من البراري لا شيء فيها، وضياع الدابة بما فيها، مثل ذلك الرجل أيضاً الذي أضاع دابته، فهذه حالات اضطرار؛ ولهذا يقول تعالى: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ))[النمل:62]، فالمضطر يدعو الله سبحانه وتعالى دعاء خالصاً بعبودية صادقة؛ لأنه قد انقطعت به الحيل، ولم يبق له ملاذ إلا الله تبارك وتعالى.فلذلك مما يجب أن يعلم -ونحن إن شاء الله تعالى في باب آت سنذكر الدعاء، وشروطه، وآدابه، وأن من أعظم مظان وأسباب إجابة الدعاء أن يكون عن اضطرار وافتقار، وشدة حاجة وكرب.