وأحوال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كثيرة جداً، وهذه مجرد أمثلة، ومع ذلك فمجموع ما نقل عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في هذا الباب لا يعني أن فضلهم لا يتجاوز هذا، وأن قدرهم عند الله تبارك وتعالى هو بقدر ما نقل عنهم وإن كان كثيراً، فهو قليل إلى جانب فضلهم، فالصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا أعظم إيماناً، وأصدق وأعلى مقاماً من أن يثبت إيمانهم بالكرامات، والكرامات إن شاء الله سيأتي فيها باب مستقل بإذن الله. ومن أعظم فوائد الكرامات: تثبيت الإيمان في قلب المؤمن، والصحابة رضي الله تعالى عنهم أعظم إيماناً، وأجل من أن يحتاجوا إلى ما يثبت إيمانهم، ولذلك فهم لم يكونوا محتاجين إلى هذه الكرامات أو خوارق العادات الظاهرة، فقد أغناهم الله تبارك وتعالى عن هذا بما أعطاهم من الحقائق، والعلوم الباطنة، فإن الواحد منهم يكون راعي غنم أو راعي إبل لا قيمة له على الإطلاق: لا عند قبيلته، ولا عند أحد من الخلق، فيأتي فيسلم فتتدفق ينابيع الحكمة في قلبه، وعلى لسانه، فيأتي بالعجب العجاب الذي لم يصل إليه أحد من الخلق ممن لو تعلم وأفنى السنين الطويلة في تعلم علوم أهل الكتاب، أو علوم أهل الحكمة والفلسفة وما أشبه ذلك، فمن أين جاءهم هذا العلم؟ ومن أين جاءهم هذا النور في قلوبهم؟ فهذه كرامة عظيمة بسبب إيمانهم. فهذه الحقائق الباطنة عند الصحابة رضي الله تعالى عنهم أعلى درجة، وأعظم من الكرامات الظاهرة، ومع ذلك فقد أوتوا رضي الله تعالى عنهم من هذا ومن هذا؛ حتى يعلم من بعدهم أنهم أسبق الناس إلى كل خير، حتى في الكرامات أو خوارق العادات الظاهرة.