يقول: (ومن كان هذا حاله قيل فيه: ما بقى في قلبه إلا الله، والمراد: معرفته، ومحبته، وذكره) لا كما يفهم المجرمون الزنادقة الملاحدة من أهل الحلول والإتحاد: أن ذات الله -تعالى الله عن ذلك- حالة فيه، فهذا لا يفهمه أي عربي، والعجيب أن هذا دليل على فساد فطرهم، فالعرب في جاهليتهم وفي إسلامهم مقتضى لغتهم هو ما ذكرناه، ولا يفهمون غير ذلك، فإذا قالوا: ليس في قلب فلان إلا فلان أو فلانة؛ فلا يفهم أي عربي أن فلاناً بذاته داخل في قلب فلان أبداً، وإذا قيل: ليس في قلب المجنون إلا ليلى ؛ فمعناه: ليس هناك امرأة تعلق بها، وأحبها، وشغفته حباً إلا ليلى ، وليس أنها بذاتها قد دخلت في قلبه.
فهذا يدل على فساد الفطرة عند هؤلاء، ويضاف إليه فساد اللغة، وفساد المعتقد، فكل ذلك اجتمع لديهم، نسأل الله العفو والعافية.
ويقول: (وفي هذا المعنى الأثر الإسرائيلي المشهور) وهو أثر مشهور على ألسنة العباد والصوفية وأمثالهم، وليس حديثاً قدسياً صحيحاً، وإنما مجرد كلمة مأثورة، فيقولون: (يقول الله: ما وسعني سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن)، ولو صحت هذه الحكمة والعبارة فالمقصود بها: معرفتي وذكري.