المادة    
يقول: "ثانياً: الإمام كالنبي في عصمته وصفاته وعلمه" وقد قرأنا من كلام الرافضي ما يدل على ذلك.
يقول السالوس تعبيراً عن مذهبهم: "فالإمام يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمداً وسهواً، كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان"، وهذه الصفات أعلى من صفات الرسل؛ لأن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يقع منهم السهو والخطأ والنسيان. يقول: "ويجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال: من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل، ومن تدبير وعقل وحكمة وخُلُق.
أما علمه: فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله.
وإذا استجدَّ شيء لابد أن يعلمه من طريق الإلهام" يعني أنه إذا وقعت واقعة جديدة ليس عنده فيها علم لا من النبي ولا من الإمام الذي قبله فهنا يأتيه الإلهام قال: "بالقوة القدسية التي أودعها الله فيه، فإن توجه إلى شيء، وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطئ فيه ولا يشتبه عليه" أي: فمجرد أن يفكر في شيء ويريد أن يعرفه، فإنه يعرفه على حقيقته من غير خطأ ولا اشتباه، يقول: "ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلى تلقينات المعلمين، وإن كان عمله قابلاً للزيادة والاشتداد".
  1. وجه الشبه بين الرافضة والنصارى في القول بانتقال روح القدس

    قال: "وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليسدده ويرشده ويعلمه، فلما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ظل الملك بعده ولم يصعد، ليؤدي نفس وظيفته مع الأئمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم" إذاً فالملك لا يصعد إلى السماء، قال: "فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام" ثم قال: "والإمام يرى به" أي: يرى بروح القدس، "وفي الحاشية فسر الرؤية بقوله: يعني ما غاب عنه في أقطار الأرض"، يعني: أن الإمام يرى بروح القدس ما غاب عنه في أقطار الأرض "وما في عنان السماء، وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى"، وهذا يشبه ما قالته النصارى في عيسى، وهذا هو كفر النصارى حيث يقولون: الأب والابن والروح القدس، ومنهم من يقول: إن الأب يحل في الابن، وهذا قول إحدى فرق النصارى، ومنهم من يقول: إن روح القدس هو الذي يحل... إلى آخر كلامهم المضطرب في الأقانيم، فإذا كان روح القدس هذا، وبنفس الاسم الذي عند النصارى، يحل في هذا الإمام، فيرى به كل شيء، ويعلم الغيب كله، إذاً فهذه شعبة من شعب النصرانية .
    يقول: "وانظر بحار الأنوار، باب: الأرواح التي فيهم -يعني: في الأئمة- وأنهم مؤيدون بروح القدس، وقال ابن بابويه القمي في رسالته: اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة، أنها موافقة لكتاب الله، متفقة المعاني غير مختلفة؛ لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه" يعني أن أي أثر أو خبر يأتينا عن الأئمة، فاعتقادنا فيه أنه موافق لكتاب الله، وأن هذه الآثار متفقة المعاني غير مختلفة، لا يمكن أن يكون فيها خلل ولا اضطراب، فأقوالهم معصومة؛ لأنها مأخوذة من طريق الوحى عن الله تعالى.
    إذاً فهم يعتقدون أن الله يوحي إلى الأئمة، ومعلوم أن من اعتقد أن أحداً يوحى إليه بعد محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر قطعاً، ولا حظ له في دين الإسلام، والقمي هو صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه، أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية، وهو من أشهر كتبهم بعد الكافي .
  2. الخلاف بين الرافضة في القول بجواز السهو أو النسيان على الإمام

    يقول السالوس: وقال المجلسي : أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم، من الذنوب الصغيرة والكبيرة، عمداً وخطأً ونسياناً، قبل النبوة والإمامة وبعدهما" وهذا إجماع من الإمامية على أن الإمام معصوم من الذنوب صغيرها وكبيرها، عمداً وخطأ ونسياناً قبل الإمامة وبعدها قال: "ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه، وشيخه ابن الوليد ؛ فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى، لا السهو الذي يكون من الشيطان، في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام"، وهذا قريب مما نظن نحن في النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى ينسيه بعض الأمور ليشرع لنا فيها، كما وقع من سهوه في صلاته، فهم يخالفون الإجماع ويقولون: لا يمكن أن يقع السهو من الإمام إلا أن يسهيه الله، والإسهاء من الله غير السهو الذي يكون من الشيطان، وهو إنما يكون أيضاً في غير ما يتعلق بالتبليغ والأحكام، ومثال ذلك: أنه قد ينسى أن يأكل أو يلبس حذاءه، أما التبليغ والدين فلا ينسى أبداً، ولا يسهو فيها أبداً قال السالوس: "وقال الطوسي : "لا يجوز عليهم -أي الأئمة- السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله، فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه، أو يسهوا عنه، ما لم يؤد ذلك إلى الإخلال بكمال العقل. وكيف لا يجوز عليهم ذلك، وهم ينامون ويمرضون، ويغشى عليهم، والنوم سهو، وينسون كثيراً من متصرفاتهم أيضاً، وما جرى لهم فيما مضى من الزمان".
    أقول: ولأصحاب الإجماع منهم أن يجيبوا على كلام الطوسي بأنه غير صحيح؛ لأنه وإن كان الإمام ينام؛ لكن روح القدس معه، وروح القدس لا ينام، وبذلك ينقضون كلامه، نعوذ بالله من الضلال!