تفسير ابن مسعود لقوله تعالى: (حق تقاته)
(وقال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في قول الله تبارك وتعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ))[آل عمران:102]، قال: [ (حَقَّ تُقَاتِهِ) أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر ] ).وتفسير الصحابة رضي الله تعالى عنهم هو أعظم وأعلى درجات التفسير بعد تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذاً: فمن حق التقوى أن يذكر الله تبارك وتعالى، وخفف الله تبارك وتعالى فقال: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))[التغابن:16]، ولا تعارض بين ذلك، فالأمر بتقواه حق تقاته هو بحسب الاستطاعة، فنص هنا على الاستطاعة بياناً لرحمته تبارك وتعالى، وسعة فضله.فالعبد يتقي ربه حق تقاته بتحقيق هذه الثلاثة الأمور: أن يطيعه فلا يعصيه، وأن يذكره فلا ينساه، وأن يشكره فلا يكفره، أي: لا يكفر النعم، وبعض الناس يظن أن الكفر: هو أن يكفر بالله فقط، وهذا غير صحيح، فقد يكفر العبد بنعم الله عز وجل، ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى هذا في القرآن الكريم فقال: (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ))[إبراهيم:28]، وقال في الآية الأخرى: (( فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ))[النحل:112]، فالكفر بالنعمة هو نوع من أنواع الكفر والعياذ بالله، وقال: (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ))[إبراهيم:34]، فإذا كفر العبد نعمة الله تعالى عليه ولم يكفر بالله ولا باليوم الآخر؛ فإنه على خطر: أن يستخدم النعمة في المعصية، فما أعطاه الله من خير ليتقرب به إليه يستخدمه فيما يباعده منه تبارك وتعالى.فالشاهد: أن هذا الصفات الثلاث منها: أن يذكر الله تبارك وتعالى فلا ينسى.