ولهذا ينبغي أن ننتبه في عبادتنا وفي دعوتنا أيضاً إلى الناس كيف يعبدون الله، ويكون أهم ما ندعو إليه: الفرائض، وأعظمها: التوحيد، وأما لو أتيت الناس وعلمتهم بعض المندوبات والمستحبات -وإن كنت ترى أنها مهمة- وهم مخلون بالفرائض والأركان والأساسيات؛ ما نفعنهم بشيء، (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه).
يقول: (وأداء الفرائض أفضل الأعمال) أي: لو كانت هذه المندوبات والمستحبات أحب إلى الله لجعلها فرائض، وأخر الفرائض وجعلها في درجتها، فلينتبه فربما أضاع البعض الواجب من أجل المندوب، وارتكب المحرم كيلا يرتكب المكروه، فهذه قاعدة عظيمة يجب أن يتنبه لها كل مؤمن.
قال: (وأداء الفرائض أفضل الأعمال، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: [ أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله ] )، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله! أرأيت إن صليت المكتوبات، وتركت المنهيات، أدخل الجنة؟ )، فهذا هو الأصل، فأنت إذا أديت الفرائض، واجتنبت النواهي فأنت في درجة الولي، وحققت الدرجة الدنيا منها، فإياك أن تخرم ذلك حفظاً على درجة تظن أنها أعلى، والدنيا ليست عندك!
قال عمر رضي الله عنه: [ أفضل الأعمال ثلاثة أشياء: أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله -أي: ترك المنهيات-، وصدق النية فيما عند الله ]، وصدق النية فيما عند الله، وحسن الظن بالله هو أيضاً من الواجب.
وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته: [ أفضل العبادات أداء الفرائض، واجتناب المحارم ]، ومن حرم فقه الدعوة، ولم يدرك هذه الحقيقة؛ فإنه قد يتنطع، ويتكلف، ويشق على نفسه في أمور يظنها من الورع، وهو مضيع لواجبات وأركان وفرائض، فلا تنفعه تلك التكليفات، ولا يجدي ولا يغني عنه شيئاً تركه لتلك الواجبات، بل هو مؤاخذ عليها.