المادة    
إن من الكتب المهمة عند الرافضة الإثني عشرية كتاب: سلوني قبل أن تفقدوني وقد ألفه أحد شيوخ الرافضة المعاصرين، ويدعى محمد رضا الحكيمي، وقدم له أحد آيات الضلالة، وهو محمد الشيرازي، وآية أخرى من آيات الضلال والإلحاد، وهو ميرزا حسن الأحقاقي الحائري، وفيه من الغلو ما فيه.
  1. علاقة الشيعة بالفلاسفة والباطنية

    نقل المؤلف في الكتاب نقولاً عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ثم ختمه بفصل عن إمامة علي رضي الله عنه، بعنوان: الإمامة ضرورة كونية، وكأنه بذلك يوضح ويشرح ما أجمله الخميني ؛ حيث كان كلام الخميني مأخوذاً من كلام ابن عربي من حيث الغموض الباطني والفكر الفلسفي، أما هذا فهو أوضح منه.
    والعجيب أن الخميني ينقل كلام ابن عربي، بل يكاد كلامه يكون كلام ابن عربي، أما هذا فنجده ينقل كلام ابن سينا -الشيخ الرئيس كما يسمونه- وهو أبو علي بن سينا، وقد سبق أن قلنا: إن ابن سينا على مذهب الفلاسفة، وقد شرحنا بعض أقوال الفلاسفة فيما مضى، وذكرنا عقيدتهم في الله، وأن ابن سينا من نسل العبيديين، فهو في الظاهر يدعي أنه من الشيعة الإثني عشرية الجعفرية، الذين يتزعمهم الآن أتباع الخميني، وهو في الحقيقة فيلسوف لا يؤمن بأي دين، فعندما أراد هؤلاء أن يستدلوا على إثبات الإمامة ودرجتها وصفاتها، ذهبوا يستدلون عليها بكلام ابن سينا، الذي هو منهم في الظاهر ومن الفلاسفة الملاحدة في الحقيقة.
  2. دعوى الشيعة وجوب الإمامة على الله وعصمة الأئمة

    وأصل تسمية هذا الكتاب (سلوني قبل أن تفقدوني ) عبارة تنسبها الشيعة إلى علي رضي الله عنه، والشيعة تتذرع بها إلى ادعاء أن علياً يعلم الغيب كله، ويعلم العلوم كلها، وأنه كان يقول: "سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عما دون العرش"، وأهل السنة يفسرون مثل هذه العبارة -إن صحت عن علي - بأنه قد كان أعلم الناس بعد موت أبي بكر وعمر وغيرهما، وكانت شيعته لا تسأله عن العلم لانشغالهم بالفتن، فكان يقول ذلك.
    والشيعة حين يقولون بأن علياً يعلم الغيب، فهم يريدون من ذلك إثبات الإمامة له ونفيها عن غيره، ولذلك يقول الدكتور علي أحمد السالوس في كتابه أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله (ص:29): "يعتقد الجعفرية أن الإمامة كالنبوة في كل شيء، باستثناء الوحي، فالقول فيه مختلف، ولذلك قالوا: إن الإمامة أصل من أصول الدين، لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها"، وهذا كلام صحيح، فـالجعفرية يعتقدون ذلك، يقول محمد رضا الحكيمي في كتابه المذكور (ص:403): "فلو قلنا: إن النبوة رئاسة عامة إلهية في أمور الدين والدنيا، وكذلك: لمن يقوم مقامه نيابة عنه بعده -رئاسة عامة إلهية فيهما- لما قلنا شططا"، إذاً الخلافة رئاسة عامة إلهية في أمور الدنيا والدين. يقول: "فكل ما دل على وجوب النبوة ونصب النبي وتعيينه على الله؛ فهو دال كذلك على القائم مقامه بعده، إلا في تلقي الوحي الإلهي" ويفهم من هذا أنهم يوجبون على الله أموراً، وهو مذهب المعتزلة، وقد سبق أن بينا أنه تعالى لا يجب عليه شيء، ولكنه سبحانه كتب على نفسه أشياء كالرحمة. يقول "ونسمي القائم مقام النبي بالإمام، وإن كان النبي إماماً أيضاً بذلك المعنى".
    فهم يعتقدون أنه يجب على الله وجوباً عقلياً أن يبعث نبياً، وكل ما دل على وجوب النبي ووجوده وضرورته فهو أيضاً دليل على النائب من بعده، وهو الإمام، ويجب أن يكون الإمام كالنبي في كل شيء إلا الوحي وسيأتي خلافهم في تفسيره.
  3. اتصاف الإمام بكل صفات النبي عند الرافضة

    ثم يقول: "فنقول: بعدما استقرت الشريعة، وثبتت العبادة بالأحكام، وأن الإمام إمام في جميع الأمور، وهو الحاكم الحاسم لرد النزاع، ومتولي الحكم في سائر الدين، والقائم مقام النبي، وفرعه وخليفته وحجته في الشرع، فلابد من أن يكون موصوفاً بصفات النبي، وشبيهاً له في الصفات الكمالية، وعالماً بجميع الأحكام" إذاً لا يمكن أن يكون الإمام إماماً في نظرهم إلا أن يكون موصوفاً بصفات النبي، وشبيهاً به في كل كمالاته، وعالماً بجميع الأحكام، ومعصوماً عن الخطأ في السهو والعمد. يقول: "وأيضاً: إن أحد ما احتيج فيه إلى الإمام: كونه مبيناً للشرع، وكاشفاً عن ملتبس الدين وغامضه، فلابد من أن يكون في ضروب العلم كاملاً غير مفتقر إلى غيره، فولاة أمر الله خزنة علمه وعيبة وحيه، وألا يتطرق التبديل والتغيير في دين الله" ثم يأتي بكلام رئيسهم فيقول: "ولذا صرح الشيخ الرئيس في آخر الشفاء ... إلخ" فهو يستدل بكلام ابن سينا .
    ثم يقول في فصل يتحدث فيه عن الخليفة والإمام: "إن الإمام مستقل بالسياسية، وأنه أصيل العقل، حاصل عنده الأخلاق الشريفة: من الشجاعة، والعفة، وحسن التدبير، وأنه عارف بالشريعة، حتى لا أعرف منه" أي: حتى لا يوجد أحد أعرف منه، ثم يقول موضحاً أنه لابد أن يكون الإمام معصوماً عن الذنوب: "إنه لو كان الإمام عاصياً عن أمر الله تعالى، ومذنباً سواء كانت الذنوب صغيرة أو كبيرة، فنقول أولاً: إنه لما كانت العلة المحوجة إلى الإمام هي رد الظالم عن ظلمه، والانتصاف للمظلوم منه، وحمل الرعية على ما فيه مصالحهم، وردعهم عما فيه مفاسدهم، ونظم الشمل، وجمع الكلمة، فلو كان مذنباً مخطئاً لاحتاج إلى آخر يردعه عن ظلمه، وأيضاً فإن الإمام لما كان قدوة في الدين والدنيا، مفترض الطاعة من الله، ولو ارتكب المعصية، يتضاد التكليف على الأمة، فإن اتبعته الأمة اتبعته في المعصية، فعصوا الله، وإن خالفوه فيها فعاصية أيضاً" يعني: إذا ما أعطيناه صفات النبوة، وأنه لابد أن يتبع؛ فلابد أن يكون معصوماً.