أقسام الطاعات عند الأشاعرة
يقول البغدادي في كتابه أصول الدين عن موضوع الإيمان: (الطاعات عندنا -أي الأشاعرة - أقسام، أعلاها يصير بها المطيع عند الله مؤمناً -وهذا في نظرهم- وتكون عاقبته لأجلها الجنة إذا مات عليها، وهي: معرفة أصول الدين في العدل، والتوحيد، والوعد، والوعيد، والنبوات، والكرامات). وعندما تجد مثل هذه العبارات فإنك تعرف أن هذا المذهب ليس مذهب أهل السنة والجماعة ؛ لأنهم لا يسمون العدل أو التوحيد بمثل هذا كما هو معلوم، وقد سبق في شرح أصول المعتزلة الخمسة وهي: العدل، والتوحيد، والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مذهبهم هم.فهناك توافق في المصطلح بين الأشعرية و المعتزلة ، و الأشعرية في الحقيقة هم من المعتزلة لكنهم خالفوهم في أمور.يقول: (والأمر الآخر معرفة أركان شريعة الإسلام هي: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وبهذه المعرفة يخرج عن الكفر).يعني: أن من عرف هذه الأمور خرج عن دائرة الكفر بالمعرفة وليس بالعمل.يقول: (والقسم الثاني: به يسلم من الجزية، والقتال، والسبي، والاسترقاق، وبه تحل المناكحة، واستحلال الذبيحة، والموارثة، والدفن في مقابر المسلمين، والصلاة عليه أو خلفه -وهو- إظهار ما ذكرناه باللسان مرةً واحدة في العمر)، فإذا قال ذلك أصبح له هذه الأحكام.إذاً: فالأمر الأول: معرفة أصول الدين معرفة قلبية، ويترتب عليها النجاة عند الله، والقسم الثاني: هو إظهار ذلك ولو مرة واحدة، ويترتب عليه النجاة في أحكام الدنيا.يقول: (والقسم الثالث: إقامة الفرائض، واجتناب الكبائر، وبه يسلم من دخول النار، ويصير مقبول الشهادة). يعني: أنه إذا صلَى، وزكى، وصام، وحج، وأتى بالواجبات جميعها فهذا يسلم من دخول النار؛ فالأول ينجو عند الله، وهذا يسلم من دخول النار ابتداءً؛ لأنه فعل هذه الشعائر، وفي أحكام الدنيا يصبح عندنا مقبول الشهادة، وأما لو ترك الفرائض -أي: عندهم- فهو مؤمن لكنه غير مقبول الشهادة، وهذه زيادة في العدالة: يصلي، ويأتي ببقية الأركان.يقول: (والقسم الرابع: زيادة النوافل فوق أداء الواجبات، وترك المحرمات، فيكون له الزيادة في الكرامة والولاية)، وهذه أعلى الدرجات عندهم.