الجهل بالله والغفلة والغرور
والسبب الثاني من أسباب الأمن المذموم: الجهل بالله، أو الغفلة أو الأماني أو الغرور، وهذه كلها يجمعها قوله تعالى: (( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ))[النساء:123] يعني الأماني الباطلة، وهي التي جاءت في الحديث على ما فيه من ضعف، ولكن المعنى صحيح إن شاء الله، وهو: ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ).وقد سبق أن ذكرنا طائفة كبيرة وجملة طويلة مما أورده المفسرون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة فمن بعدهم في قوله تبارك وتعالى: (( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ))[النساء:123] عندما تحدثنا عن السبب الرابع من موانع إنفاذ الوعيد.يقول رحمه الله تعالى: (أما إذا كان الرجل متمادياً في التفريط والخطأ ويرجو رحمة الله بلا عمل؛ فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب) وهذا هو الجهل بالله، وسيأتي في كلام الحافظ ابن رجب -إن شاء الله تعالى- ما يؤكد ذلك، أي: الجهل بالله وعدم تقديره حق قدره، ولهذا قال بعض السلف: (لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت). فمن يقدر الله حق قدره لا يعصيه، بل يستحي منه.فمن قدر الله تعالى حق قدره عظم شأنه، ومن ثم تعظم في عينيه حرمات الله وتعظم في عينيه شعائر الله وتعظم في قلبه وفي حسه وفي وجدانه أوامر الله عز وجل وحدود الله، فلا يتعدى حدود الله ولا ينتهكها ولا يستهين بشعائر الله، وهكذا حال المؤمن الذي عرف الله تبارك وتعالى.