السبب السادس هو دعاء المؤمنين واستغفارهم، وكذلك إهداء القربات والعبادات والطاعات التي يقوم بها الحي للميت.
وهذه من أعمال الناس وليست من العبد، فهناك موانع من العبد، وموانع من الخلق، وموانع من الله عز وجل، فمن موانع الخلق أن يدعوا للميت ويستغفروا له.
وهذا مبحث عظيم مهم، وسنذكر -إن شاء الله تعالى- ما يتعلق بالدعاء من جهة كونه مانعاً كما أسلفنا، أما تفصيل الكلام في الدعاء وأحكامه وآدابه وما قيل فيه والخلاف الذي يذكر فموضعه -إن شاء الله- في الفقرة التي أشرنا إليها.
والدعاء منصوص عليه في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على نوعين: دعاء مطلق، ودعاء مقيد بحالات خاصة، فالدعاء المطلق ثبت في القرآن، فلك أن تستغفر للمؤمنين، أو يستغفروا لك، ودليله قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ ))[الحشر:10]، وقوله تعالى عن نوح عليه السلام: (( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ))[نوح:28]، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ))[محمد:19].
فالدعاء العام أن تستغفر لنفسك وتعقب على ذلك بالاستغفار لغيرك، وتشمل بهذا كل المؤمنين، وهذا وارد ولا غبار عليه، وهو نافع أيضاً بإذن الله تبارك وتعالى للمؤمنين، ولو أن كل إنسان استغفر الله سبحانه وتعالى لنفسه ولإخوانه المؤمنين، وكذلك لو أن كل من سأل رحمة أو خيراً أو هدى أو صلاحاً أو نجاحاً في أمر طلبه لنفسه سأل مثل ذلك لإخوانه المؤمنين لانتفع المسلمون جميعاً، وهذا من آداب الدعاء؛ لأنك إذا دعوت لنفسك فقد يتقبل منك وقد لا يتقبل؛ لأن كل إنسان يريد الخير لنفسه، لكن إذا دعوت واستغفرت لإخوانك المسلمين فإنه يستجاب دعاؤك لهم؛ لأنك مخلص وصادق بإذن الله، وأنت من جملتهم، فيقال: آمين ولك مثل ذلك، فتكون قد كسبت وضمنت ما لم تضمن بدعائك لنفسك خاصة.