عدم الخوف من لوم اللائمين
لكن قوله: (( وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ))[المائدة:54] كثير من الناس لا يمنعه من قول الحق، أو السير في طريق الدعوة والاستمرار فيه إلا لوم اللائمين، واللائم إن كان قريباً أو صديقاً أو محباً قال: يا فلان أنا أحبك وأعزك وأشفق عليك، ولا أريدك أن تؤذى، ولا أريدك أن تهان، ولا أريدك أن تذل، بل أريدك أن تقعد محترماً، وقد يكون هذا اللائم يحبه حقيقة، ولكن هذا من لوم اللائمين.وآخر قد يقول له: تريد الجهاد؟ أخاف عليك أن تموت فمن يبقى لنا؟ أين نذهب من بعدك؟ .. وهكذا.واللوم هو حرب أخرى، وهذه الحرب تسمى في مصطلحات الناس اليوم: الحرب النفسية، وحرب الأعصاب، من المهم جداً أن يتجنب اللوم؛ لأنك قد تندفع إلى الكافر وتقاتله وتجاهده تريد الجنة، كذلك تدعو إلى الله ولو أوذيت ولو عذبت تحتسب الأجر، لكن المشكلة هي أن يأتيك اللوم، فيؤثر عليك، وليس شرطاً أن يكون اللوم من العدو؛ بل إنك لا تبالي بلوم العدو، إنما إذا جاءك اللوم من المحب والموافق، وفي صورة الناصح المشفق الحنون الدءوب على مصلحتك، فلو أطعت هذا اللائم لتركت أمر الله تبارك وتعالى، وتركت الجهاد في سبيل الله، ونزلت عن الدرجة التي يريدها الله لك؛ فالله تبارك وتعالى يصطفي هؤلاء الأقوام بدرجة عالية عظيمة المقام، كمقام الأنبياء، بحيث يقفون ويقومون مقام الأنبياء، ويرثون ميراث النبوة، ويدعون إلى الله، هذه الدرجة عظيمة، فهذا اللائم القريب المحب لا يريد أن يخرجك من الدين، ولا يريدك أن تترك الحق والخير، لكن ينزلك عن هذا المقام إلى مقام بعيد، بالنسبة لهذا فإن من المؤمنين، ومن الأخيار، ومن الصالحين من هم على خير، ويكونون من أصحاب اليمين ويدخلون الجنة بإذن الله، لكن ليس هذا هو الغرض الذي تريده، ولا هو الشرط أو الصفة التي يريدها الله عز وجل فيمن يريد أن يمكنه وأن يستخلفه وأن ينصر به دينه ويظهره.