وأما قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه عند زيارة المقابر: ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) مثل ذلك، إذ ما من حي إلا وهو واثق أنه يوماً ما سيلقى الله عز وجل، وسيلحق بهؤلاء المقبورين، قال الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته            يوماً على آلة حدباء محمول
فالكافر والمؤمن، والبر والفاجر، الكل يوقن بذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس يقيناً بالآخرة وما أعد الله تبارك وتعالى فيها للمؤمنين الأبرار من النعيم، وللكافرين الفجار من الجحيم والعياذ بالله، فعندما يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه لأهل المقابر من المؤمنين ويقول: ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) فلا يكون معنى الاستثناء هنا: الشك مطلقاً، ولا يصح أن يفسر به، ومع ذلك فقد ورد.
إذاً يجوز قول: إن شاء الله، أو يجوز الاستثناء فيما لا شك فيه، وحتى إذا نظرنا من الناحية اللغوية البلاغية فلا شك أن كلام الله تبارك وتعالى هو أبين الكلام وأبلغه وأعلاه وأعظمه وأشرفه، وكذلك فإن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفصح كلام البشر وأبينه وأعظمه، فلا يمكن أن يقع في كلامه ما يقل أو ينزل عن مرتبة الفصاحة والبلاغة والبيان.